General
توطئة: المهاد المعرفي لوظيفة الصوت في السينما الناطقة
يعتبر الصوت وسيلة تعبير فعالة ضمن المنظومة الفنية للعرض السينمائي، باعتباره بعدا إضافيا ممنوحا للعالم الفيلمي، بيد أن ظهوره قلب جمالية السينما قلبا عميقا في أصول الواقع السينمائي، فالدارس والناقد السينمائي لا يمكن أن يقلل مما تحقق في بوادر الفترة الصامتة للفيلم، وهذا على مستوى الإبداع الجمالي المتمثل في شوامخ الأعمال الفنية، وما نتج عن هذه المرحلة من مبدعين أرسو قواعد المونتاج ومبادئ فن الفيلم في حقلها التجريبي، كل هذا يؤكد حقيقة تاريخية وفنية لقيمة الصوت في سياق فن الفيلم، وفتح آفاق واسعة على مستوى التعبير،نظرا لإعتماد السينما كليا قبل إكتشاف الصوت على إيماءات الممثل الجسدية التي يترجمها عقل المشاهد بما يمتلكه من خبرة جدسية مشتركة، وقتها ثار السجال النظري عن خصوصية الصوت وعلاقته بلغة الصورة وبلاغتها وقدرتها على إيصال المعنى دون الكلام المنطوق.
وفي خضم الفترة الذهبية لحلول الأفلام الناطقة، حاول مبتكرون في أمريكا أن يطوروا نوعيات متعددة من الأصوات التقنية التي تزامن الصوت مع الصورة المتحركة، فكانت الطريقة الأقدم مفادها الربط بين آلة الفونوجراف وآلة العرض السينمائي، ويرجع هذا الإجتهاد إلى جهود توماس إديسون النموذج الأول الذي يعتمد على تسجيل الصوت على القرص (الأسطوانة) في السنوات الأولى من تاريخ السينما إلى فترة العشرينيات، هذا التطور التقني في بنية الصوت تمثل في طريقة استخدام التقنيات الإلكترونية الحديثة، والتي تتم بفضلها التسجيل المباشر للصوت على الشريط الفيلمي.
لم يعتمد التحول في بنية الصوت على مختلف التقنيات ومدى تأثيراته الذي لم يقتصر على المسائل التقنية بمفردها، وإنما أصبح عامل التقنية الأساسية ليس بالعامل الفاصل في تطوير إمكانيات إستخدام الصوت في السينما سواء في أمريكا أو في أوروبا، وهي الخطوات الأولى التي تؤسس لإتجاه التحول للصوت خلال سنوات 1926-1927، والذي سوف نتطرق إليه بالتفصيل ضمن سلسلة المحاضرات لمقياس السينما الناطقة.