تناول هذا المقياس الفكر لإصلاحي في الجزائر منذ الاحتلال الفرنسي وحتى العصر الحديث. يستعرض المقرر السياقات التاريخية والاجتماعية والسياسية التي أثرت على نشوء وتطور الحركات الإصلاحية في الجزائر، بما في ذلك العوامل الداخلية والخارجية. كما يسلط الضوء على الشخصيات البارزة في الحركة الإصلاحية الجزائرية وأعمالهم وأفكارهم وتأثيرهم على المجتمع الجزائر
قبل الثورة التحريرية، كان الفكر الإصلاحي في الجزائر يركز على مواجهة التأثيرات السلبية للاستعمار الفرنسي على الهوية الثقافية والدينية للشعب الجزائري. سعى الإصلاحيون إلى إعادة إحياء التعليم الإسلامي واللغة العربية، وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية من خلال الدعوة والتعليم. كانت هذه الجهود تهدف إلى المحافظة على الهوية الوطنية ومقاومة محاولات التفرنُس والاستعمار الثقافي الذي فرضته السلطات الفرنسية.
الأمير عبد القادر الجزائري (1808-1883) يعد أحد الرواد الأوائل للفكر الإصلاحي في الجزائر. كان قائداً عسكرياً وزعيماً دينياً واجه الاستعمار الفرنسي ببسالة، لكنه أيضاً سعى إلى تحديث المجتمع الجزائري من خلال التعليم والدعوة إلى القيم الإسلامية الأصيلة. الأمير عبد القادر كان يؤمن بأهمية العلم والمعرفة كوسيلة لمقاومة الاستعمار وتحرير الوطن، وله إسهامات كبيرة في الفكر الصوفي والإصلاحي حيث سعى لتعزيز الوحدة الوطنية والدينية بين الجزائريين.
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي تأسست في عام 1931، كانت من أبرز الحركات الإصلاحية التي سعت إلى مواجهة التأثيرات السلبية للاستعمار الفرنسي. قاد هذه الجمعية شخصيات إصلاحية بارزة مثل عبد الحميد بن باديس، الذي ركز على إصلاح التعليم ونشر اللغة العربية والثقافة الإسلامية. العربي التبسي، الذي كان له دور كبير في نشر الدعوة الإسلامية وتعزيز القيم الدينية، والشيخ بيوض الذي ساهم في حركة الإصلاح من خلال الدعوة والتعليم. هؤلاء الرواد عملوا جاهدين على إحياء التراث الإسلامي وتعزيز الهوية الوطنية والدينية للجزائريين.
الفكر الإصلاحي لرواد الثورة الجزائرية كان له دور كبير في توجيه النضال ضد الاستعمار الفرنسي. رواد الثورة، مثل هواري بومدين وأحمد بن بلة وغيرهم، تأثروا بالأفكار الإصلاحية التي دعت إلى التحرر الوطني وإعادة بناء الدولة الجزائرية على أسس إسلامية ووطنية. الفكر الإصلاحي كان يشدد على ضرورة الوحدة الوطنية وتعزيز القيم الدينية والثقافية كركائز أساسية لتحرير الجزائر وبناء مستقبلها. هذا الفكر كان حافزاً للثوار لتحقيق الاستقلال وبناء مجتمع متجدد ومتقدم يحافظ على هويته وتاريخه.