أولا: مقدمة في المصطلحات.

1-تعريف المنهج:

المنهج من النهج، وهو الوضوح، والاستبانة، والاستقامة في الطريق، قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48].

ويعرفه عبد الرحمن بدوي بأنه: "القواعد العلمية التي يسلكها العقل في حركته للبحث عن الحقيقة في أي مجال من مجالات المعرفة، كالمنطق الأرسطي في الفلسفة، وأصول الفقه في علم الأحكام الشرعية، والمناهج الحديثة تجريبية ورياضية".

ويطلق كذلك على: "الطرائق العلمية الإجرائية التي يمارسها الباحث في إخراج بحثه، كالرجوع إلى المراجع، أو عمل الاستبيان، وجمع المادة العلمية، والصياغة والفهرسة.."[1].

وتقسم المناهج عموما إلى قسمين:

- مناهج تلقائية: وتتمثل في المسالك التي يسير فيها العقل في دراسته سيرا طبيعيا دون تأملِ أصولٍ محددة له سلفا، كالبحور الشعرية التي كان ينضبط بها الشعراء السابقون.

- مناهج تأملية: وتتمثل في القوانين المسنونة والقواعد المدونة التي يدرسها طلاب العلم، ثم يُخضعون لها طرائق بحثهم بعد ذلك، وهي مبنية على الاستقراء[2].

2- العقيدة:

من العقد وهو الربط والشد، والعقيدة بمعنى الاعتقاد، وهو: الإيمان الجازم الذي لا يقبل التشكيك، سواء كان مستندا إلى حجج منطقية، فيكون اعتقادا علميا، أو غير ذلك فلا يرقى إلى هذا المستوى.

والعقيدة بمعنى المعتقد: هي ما تَدَيَّنَ به الإنسان من تصور لما وراء عالم الشهادة كمسائل الألوهية، والعوالم الغيبية، وبدء الكون ومصيرها، ونحوها[3].

ولعلم العقيدة عدة مسميات أشهرها استعمالا: علم الكلم، ويعرف بأنه: العلم بالعقائد الدينية بالأدلة اليقينية (التفتازاني، المقاصد) أو: علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه (الإيجي، المواقف).

وفي العصر الحاضر، في ظل التفاعل الفكري مع الثقافة الغربية أصبحت لفظة العقيدة تستعمل تعريبا للفظة الإنجليزية DOGMA والفرنسية DOGME، ومعنى هذين اللفظين في مصطلح الثقافة الغربية الحديثة هو: المبدأ، أو المسائل التي يؤمن صاحبها بصوابها ويستسلم لها، وربما يحاول فرضها على الآخرين دون الاستناد إلى بينة أو دليل، أو تمحيص علمي كاف.

3- أهمية المنهج في دراسة العقيدة:

إن البحث في مسائل العقيدة هو بحث في قضايا غيبية في الغالب، ولذلك يكثر الخلاف في تفسيرها، مما يقتضي منهجا سديدا للخوض فيها، كما أن القرآن الكريم في كثير من آياته التي تتحدث عن موضوع العقيدة حث على إعمال العقول، والنظر والتأمل والتفكر، وهذه الإرشادات تؤكد على ضرورة اتخاذ منهج منضبط للنظر في الكون، ومن خلاله الوصول إلى الإيمان بالله تعالى.

كما أن الفِرق الإسلامية التي مرت في تاريخ المسلمين إنما كان خلافها قائما على المنهج الذي تعتمده في تفسير نصوص الوحي، من الركون إلى الوحي وحده والاكتفاء به، أو المزاوجة بين النقل والعقل، أو تحكيم العقل وجعله رائدا للوحي.



[1]- عبد الرحمن الزنيدي، مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر، ص :15.

[2]- عبد الرحمن الزنيدي، مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر، ص :18. ومناهج البحث العلمي، عبد الرحمن بدوي، ص:5.

[3]- الزنيدي،  مناهج البحث في العقيدة الإسلامية في العصر الحاضر، ص :16. والمعجم الفلسفي، صليبا 2/29.