طرق الرد على منكري العقيدة في القرآن الكريم

ج- طرق الرد على منكري العقيدة في القرآن الكريم:

اعتمد القرآن الكريم في الرد على منكري مسائل العقيدة عدة طرق منها، "مناقضة الخصم" كما في قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} [الأنعام: 91] على القول بأن الآية نزلت في اليهود: أن حبرا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال الله تعالى: { قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ}، فناقضه عن قرب، لأن التوراة شيء، وموسى بشر، وقد كان الحبر مقرا بأن الله تعالى أنزل التوراة على موسى[1].

وعلى القول بأن الآية نزلت في قريش: قال ابن كثير: " أي: قل يا محمد لهؤلاء المنكرين لإنزال شيء من الكتب من عند الله، في جواب سلبهم العام بإثبات قضية جزئية موجبة: { مَنْ أَنزلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى } يعني: التوراة التي قد علمتم -وكل أحد- أن الله قد أنزلها على موسى بن عمران نورًا وهدى للناس"[2]

د- وسائل تعاهد العقيدة في القرآن الكريم:

والمقصود بتعاهد العقيدة الحفاظ على جذوتها متقدة مؤثرة في سلوك الفرد والجماعة، ومن هذه الوسائل "التذكير الدائم"، قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ}، وقال أيضا: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } [الذاريات: 55]، ومنها أسلوب القصص القرآني: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5].

ه- التأصيل لقواعد في فهم العقيدة:

وذلك أن القرآن الكريم هو النص المؤسس للعقيدة الإسلامية، فيرجع في فهمها إليه، ومن تلك القواعد قاعدة رد المتشابه إلى المحكم قال تعالى:{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]، وقاعدة التنزيه قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى: 11]، ورفع التناقض في أدلته قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } [النساء: 82].



[1]- الأشعري، رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، ص44، التأصيل القرآني للعقيدة، ص:61. الطبري، جامع البيان، ج11، ص521.

[2]- ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج3، ص300