منهج القرآن في إثبات صفات الله عز وجل وأسمائه
ثامنا: منهج القرآن في إثبات صفات الله عز وجل وأسمائه.
أثبت القرآن الكريم كل ما يجب أن نؤمن به ونعتقده في صفات الله تعالى وأسمائه، رغم أنه لا يحيط بعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ثم أرشدنا إلى قواعد في فهمها وفهم ما تشابه على الناس منها:
- الإيمان بكل ما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، إثباتا أو نفيا، لأنه لا يصف اللهَ أعلمُ بالله من الله، قال تعالى: { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله } [البقرة:140]، ولا يصف اللهَ بعد اللهِ أعلمُ بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى } [النجم:3-4][1].
- تنزيه الله تعالى عن مشابهة الحوادث، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11]، وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [الإخلاص:1- 4].
- رد متشابه الصفات إلى المحكم: قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [آل عمران: 7]
والآيات نزلت في شأن النصارى الذين حملوا بعض الآيات على أنها إثبات لصفة إلهية عيسى عليه السلام كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } [النساء: 171]، فبين لهم القرآن أن فهمها لا بد أن يؤول إلى النصوص المحكم التي تثبت الوحدانية لله تعالى وتنزهه عن الولد وسائر صفات المخلوقين.
ويترتب على إثبات صفات الله تعالى إثبات آثارها، فالخلق كله ناتج عن صفة من صفات الله تعالى، قال تعالى: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [الرعد: 16]، والقضاء والقدر هو أثر لصفة إرادة الله تعالى الأزلية المتعلقة بالأشياء على وفق ما توجد عليه في وجودها الحادث[2]، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49] ، وقال سبحانه: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) } [الفرقان: 2]
[1]- الشنقيطي محمد الأمين، أضواء البيان، ج02، ص18.
[2]- الميداني عبد الرحمن حسن حبنكة، العقيدة الإسلامية، ص:626.