التصحيح النموذجي
لإمتحان السداسي الأول في مقياس النظرية العامة للجريمة
السنة الثانية حقوق المجموعة 04 للسنة الجامعة 2024/2025
السؤال الأول: إعمالا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ألزم المشرع الجزائري القاضي بأن يعمل سلطته التقديرية ما بين حدين حد أقصى وحد أدنى في تقديره للعقوبة لا يمكن الخروج عنهما. ما موقفك القانوني من هذه الفرضية بالتفصيل مع التعليل وفق ما درسته. (05)
الجواب :
قد يخرج القاضي خلال نطقه بالحكم عن الحدود المحددة له من خلال النص القانوني من حيث تقديره وتقريره للعقوبة، ولا يعني ذلك أن القاضي قد خالف مبدأ الشرعية، من منطلق أنه سبقت الإشارة إلى أن " العبرة بما هو مقرر قانونا وليس بما ينطق به القاضي "، فهذا الأخير عند خروجه عن الحدود المقررة له بموجب النص القانوني يكون قد أعمل سلطته في الأخذ إما بظروف التخفيف المنصوص قانونا من خلال المادة من 53 إلى 53 مكرر 08 من قانون العقوبات أو تطبيقا لظروف التشديد المنصوص عليها من خلال المواد من 54 مكرر إلى 59 من قانون العقوبات.
وهذا ما يتجلى من خلال نص المشرع الجزائري من خلال المادة 28 من قانون العقوبات التي أكد من خلالها المشرع الجزائري على عدم تغير نوع الجريمة في حالة الحكم بعقوبة أخف مما يقرره القانون نتيجة لتطبيق ظروف التخفيف، كذلك الشأن في حالة الحكم بعقوبة أشد مما يقرره النص القانوني تطبيقا للعود الإجرامي، بينما في حالة الحكم بعقوبة أشد مما يقرره النص القانوني إعمالا لظروف التشديد فلقد ذهب المشرع الجزائري من خلال نص المادة 29 من قانون العقوبات إلى تغير طبيعة ووصف الجريمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال الثاني: تعتبر النتيجة عنصرا أساسيا لقيام الركن المادي للجرائم بغية تقدير العلاقة السبيبة بينها وبين السلوك حلل هذه الفرضية وفق ما درسته مبينا موقف المشرع الجزائري مع التعليل القانوني. (05)
الجواب :
تعرف النتيجة بكونها ذلك التغير الذي يلحق بالعالم الخارجي و الذي يتسبب فيه السلوك الإجرامي، أو الأثر المترتب على السلوك الإجرامي و المتمثل في العدوان الذي يصيب حقا أو مصلحة يحميها القانون، و على الرغم من كون أن النتيجة عنصرا أساسيا لقيام الركن المادي إلا أن ضرورة تحققها هي متطلبة في الجرائم المادية كالقتل أو السرقة .....) دون الجرائم الشكلية التي تعتبر من جرائم السلوك المحض التي لا يشترط فيها تحقق النتيجة فهي تقوم لمجرد قيام السلوك مثال ذلك جريمة حمل سلاح بدون رخصة، علاوة على الشروع في الجريمة الذي يعرف بوجه عام بكونه من جرائم الخطر وليس من جرائم الضرر، لأن النتيجة لم تتحقق بمفهومها المادي بل بمدلولها القانوني، أو بمعنى آخر هو ارتكاب سلوك محظور كله أو بعضه دون اكتمال الركن المادي للجريمة ، و الذي نص عليه المشرع الجزائري تحت تسمية " المحاولة " من خلال المادة 30 بقولها:" كل المحاولات لارتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى و لو لم يكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال الثالث: قارن بين كل من أسباب الإباحة وموانع المسؤولية الجزائية وموانع العقاب. (05)
الجواب :
تتميز أسباب الإباحة عن موانع المسؤولية الجزائية من حيث طبيعة كليهما في كون أن أسباب الإباحة ذات طبيعة موضوعية تتعلق بالفعل المجرم، بينما موانع المسؤولية ذات طبيعة شخصية لها صلة بشخص الجاني. كما أن أسباب الإباحة تتحقق إما لانتفاء الحق الجدير بالحماية أصلا أو لرجحان حق الشخص الذي توفرت لديه الإباحة على حق المجني عليه، أما موانع المسؤولية تكون عند انتفاء الوعي أو التمييز أو انتفاء الإرادة أو حرية الاختيار لدى الجاني.
ومن حيث آثار كل منهما ترفع أسباب الإباحة صفة التجريم عن الفعل كلية ما يؤدي إلى انتفاء المسؤولية الجزائية وكذا المسؤولية المدنية، أما موانع المسؤولية الجزائية ينحصر أثرها في عدم مساءلة الفاعل جنائيا وعدم خضوعه للعقوبة الأصلية المقررة مع بقاء الفعل محتفظا بصفته غير المشروعة وخضوعه للمسؤولية المدنية، كما أنه من توفر لديه سبب من أسباب الإباحة يعفى من الخضوع للجزاء أيا كان نوعه سواء كانت عقوبة أو تدابير احترازية، أما من توافرت فيه موانع المسؤولية يعفى من العقوبة دون التدابير الاحترازية، علاوة على ذلك يستفيد من أسباب الإباحة كل من الفاعل الأصلي والمساهم أو الشريك كقاعدة عامة، أما موانع المسؤولية الجزائية والتي حصرها المشرع الجزائري من خلال نص المادتين 47 و48 و49 من قانون العقوبات في كل من 1: – الجنون، -2 صغر السن، 3 – الإكراه، -4 حالة الضرورة، ومن منطلق كونها ذات طبيعة شخصية لا يستفيد منها إلا من توافرت لديها هذه الموانع.
خلافا لم سبق تبيانه حول أسباب الإباحة فإن موانع العقاب تختلف عنها في كون أن موانع العقاب هي أسباب تحول دون معاقبة الفاعل الذي يبقى فعله رغم ذلك معتبرا جريمة، وقد عرفها المشرع الجزائري من خلال المادة 52 من قانون العقوبات على أنها " حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة والمسؤولية الجنائية عدم عقاب المتهم.. "، وتسمى أيضا بالأعذار القانونية المعفية من العقاب وقد حصرها المشرع الجزائري في العديد من نصوص قانون العقوبات في كل من )عذر المبلغ، عذر القرابة، عذر التوبة.(، ومن هذا المنطلق فالفاعل في موانع العقاب يضل مسؤولا جزائيا ومدنيا عن الفعل الذي قام به لكونه متمتعا بالوعي والإرادة على خلاف أسباب الإباحة التي تجعل من الفعل يعود إلى صفته المشروعة ما يؤدي إلى انتفاء المسؤوليتين الجزائية والمدنية وبالتالي عدم المعاقبة.ونظرا للطبيعة الموضوعية للأسباب الإباحة فإن توفرها يؤثر في مدى انتفاء الركن الشرعي للجريمة بالنسبة لكل من الفاعل الأصلي والشريك فيها، خلاف موانع العقاب التي لا أثر لها على قيام المسؤولية الجزائية والمدنية إذ أن أثرها لا يقتصر إلا على عدم تنفيذ العقوبة على الجاني دون أن يحول على إمكانية مطالبته بالتعويض المدني في إطار المسؤولية المدنية والإدارية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال الرابع : بين موقف المشرع الجزائري من الأحكام المطبقة على كل من الفاعل الأصلي و الشريك في الجريمة. ( 05) .
الجواب :
تعرف الجريمة بأنها قيام شخص بعمل أو الامتناع عن عمل مخالفا بذلك أحكام القانون، غير أنها قد ترتكب من طرف شخص بالغ أو قاصر، وقد ترتكب عمدا أو خطأ كما أنها قد ترتكب من طرف شخص واحد يفكر و يصمم عليها و ينفذها وحده و تتوفر في حقه أركانها فيكون هو المسئول عنها جزائيا؛ أو ترتكب من طرف عدة أشخاص تتضافر جهودهم و يتعاونون فيما بينهم على تحقيق ما يسعون إليه بحيث توزع الأدوار فيما بينهم إذ تعد الجريمة مشرعهم الإجرامي و يساهم كل منهم بدوره من اجل تحقيق هذا المشروع، و يكون كل مساهم فيها مسئولا جزائيا و هو ما يعرف بالمساهمة الجنائية.
تأخذ المساهمة في الجريمة صورتين: الصورة الأولى: تسمى المساهمة الأصلية، ويسمى مرتكبها الفاعل الأصلي الذي عرفه المشرع الجزائري من خلال المادة 41 من ق.ع التي تنصت على أنه " يعتبر فاعلا كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الولاية أو التحايل أو التدليس الإجرامي "، أما الصورة الثانية: تسمى بالمساهمة الثانوية، ويسمى مرتكبها بالشريك، هذا الأخير الذي عرفه المشرع الجزائري من خلال المادة 42من ق ع على أنه: " يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا ولكنه ساعد بكل الطرق او عاون الفاعل او الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية او المسهلة او المنفذة لها مع علمه بذلك "
إن أهم ما يميز قانون العقوبات الجزائري الصادر بالأمر 06/165 بتاريخ 08/06/1966 هو انتهاج المشرع الجزائري نفس الأسلوب الذي اخذ به المشرع الفرنسي بالنسبة إلى المساهمة الجنائية إلا أن المشرع الجزائري اختلف مع هذا الأخير في الأحكام الخاصة بعقوبة الشريك، حيث انتهج المشرع الجزائري الأسلوب الحديث والمتمثل في ضرورة التفرقة بين الفاعل الأصلي والشريك فيما يلي:
ü يسأل الشريك حسب القصد الجنائي فلا يتأثر بما يرتكبه الفاعل الأصلي من الجرائم.
ü لا يتأثر الشريك بالظروف الشخصية التي قد تلحق بالفاعل الأصلي أو سلوكه الإجرامي، أما الظروف الموضوعية فيتأثر بأفعال المساهمين.
ü يخضع الشريك للعقاب وإن انقطعت الدعوى الجنائية ضد الفاعل الأصلي إما بالعفو الشامل أو التقادم أو بوفاة الفاعل الأصلي، كما يعاقب الشريك حتى وان تخلى الفاعل الأصلي عن ارتكاب الجريمة بإرادته.
ü اختلاف المسؤولية الجنائية للشريك والفاعل الأصلي يتتبع اختلاف في المسؤولية المدنية بالتعويض والغرامة المالية.
ü الشريك لا يتأثر بموانع المسؤولية والعقاب التي تلحق الفاعل الأصلي.