المحور الأول
مدخل الي علم النفس العيادي
حسب الجمعية العالمية للطب النفسي (2011)إن الدعامة الأساسية لتطبيق رعاية صحية مجتمعية ناجحة هي مجموعة من المبادئ تتعلق من ناحية بقيم المجتمع ومن ناحية أخري بأهمية حرية الفرد في تقرير مصيره وحق المصابون بمرض نفسي في معاملتهم كبشر وكمواطنين في المجتمع، وتؤكد خدمات الصحة النفسية المجتمعية علي أهمية معالجة وتمكين الناس من العيش في المجتمع بطريقة تحافظ علي صلتهم بعائلتهم وأصدقائهم وعملهم ومجتمعهم. وفي هذا السياق يتم الإقرار ويتم دعم أهداف الفرد ومصادر قوته لتحقيق الشفاء في المجتمع. المبدأ الأساسي لدعم هذه القيم هو التسليم بحق إفراد المجتمع في الحصول علي الخدمات بشكل عادل في بيئتهم المحلية الخاصة بهم مع الاعتراف بحقيقة إن المرض النفسي قد ينهك بعض الناس بشكل ملحوظ ، فإن الخدمات الصحية المجتمعية تسعي إلي تقوية عزيمة المريض النفسي وسرعة مشاركته في اتخاذ القرار الخاص بالطريقة التي يعالج بها. ونظراً لأهمية الأسرة في عملية الدعم واتخاذ القرار والعلاقات الرئيسية فإن مساهمتهم "بعد اخذ الموافقة من مستخدمي الخدمة " في عملية التقييم وخطط العلاج والمتابعة هي قيمة أساسي في النموذج المجتمعي لتقديم الخدمة. تم تحديد العديد من المواثيق التي تهدف إلي حماية حقوق مستخدمي الخدمة كمواطنين وكبشر، وتضمن ذلك الميثاق الصادر حديثا من الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان والإعاقة والدساتير الأكثر تحديدا قبل مبادئ الأمم المتحدة لحماية الأشخاص المصابون بالأمراض النفسية والنهوض بالرعاية النفسية الذي تم إقراره في عام 1991. تحدد المواثيق الأخرى الدولية والإقليمية والوطنية حق الفرد في أن يعالج بدون تمييز وعلي نفس الأسس كباقي الأفراد وبافتراض الأهلية القانونية له حتى يثبت بشكل واضح عدم الأهلية، كما أن من الضروري مشاركة الأفراد ذوي الإعاقات في وضع سياسات تنمية الخدمات وفي وضع القرارات التي تؤثر بشكل مباشر عليهم. تم كتابة هذا التقرير لينحاز بوضوح لمتطلبات ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والمعاهدات والمواثيق ذات الصلة.
المقابلة العيادية
تعتبر
المقابلة من أهم طرق جمع المعلومات والبيانات وأكثرها صدقاً، حيث يستطيع الباحث
التعرف على مشاعر وانفعالات المقابل، وكذلك اتجاهاته وميوله، وهذا مالا يستطيع
الوصول إليه إلا من خلال المقابلة، كما تبرز أهمية المقابلة في عملية تتيح الفرصة
للمستجيب للتعبير الحر عن الآراء والأفكار والمعلومات، تتحول من أداة اتصال ووسيلة
التقاء إلى تجربة عملية، خاصة ما يتعلق منها بميدان الإرشاد بين الأخصائيين
النفسيين والآباء بحيث تتيح للآباء أن يتعلموا شيئاً عن أنفسهم واتجاهاتهم وعن
العالم الذي يعيشون فيه وبالتالي تتكون لديهم أساليب جديدة في التفكير والعادات
السلوكية المرغوبة وبذلك تكون المقابلة ميداناً ومجالاً للتعبير عن المشاعر
والانفعالات والاتجاهات. إن المقابلة مصدراً كبيراً للبيانات والمعلومات فضلاً عن
كونها أداة للتعبير والتوعية والتفاعل الديناميكي. تختلف أهداف المقابلة
وتتنوع، وتتعدد وظائفها وتتشعب لتكون منها الأهداف والوظائف التشخيصية والعلاجية
وغيرهما.
فمن المقابلات ما يهدف إلى زيادة معارف
الباحث بالمشكلة التي يتصدى لدراستها، حيث تعرفه على جوانب جديدة لبحثه أو تعرفه
على الفروض والاستجابات البديلة لعناصر البحث. إتاحة الفرصة أمام الحالة بتشكيل
الجو الاجتماعي الذي يسمح بمعالجة بعض الضغوط الاجتماعية لده مما يسهل إمكانية
الحصول على معلومات عميقة وحقيقية منه. ويرى(فوزي عبد الله،1995) أن
هناك أهدافا تتحقق بالمقابلة منها:
- أن يكون المقابل طفلا لا يستطيع التعبير
عن نفسه عن طريق
- أن يكون المقابل أمياً لا يستطيع
القراءة أو الكتابة
- أن نستخدم في دراسة الحالة أو لحل مشكلة
خاصة فردية أو جماعية
- أن تستخدم المقابلة لاستكمال المعلومات
التي تم الحصول عليها باستخدام طرق وأساليب أخرى
ومن الجدير بالذكر أن المقابلة لا يقتصر
استخدامها في البحوث العلمية بل يمكن استخدامها في التدريس، حيث يذكر (هندي وعليان،
1983) أن المعلم يلجأ إلى المقابلة في التدريس لتحقيق الأهداف
التوسع في جمع معلومات وبيانات عن التلميذ، مساعدة
التلميذ إذا كان لديه مشكلة خاصة، أو لإظهار خطأ وقع فيه، توثيق
الصلة بين المعلم والتلميذ.
إن تكوين العيادي حسب(حسن عبد المعطى، 1998) قائم على أساسين متكاملين هما العمل النظري والتطبيقي. أما النظري فهو معرفة المعلومات الضرورية فيما يخص الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية، بالتوازي مع معرفة مسار النمو الطبيعي والسوي للفرد. الجانب المنهجي والتقني لا يقل أهمية عما سبق، باعتباره ركيزة الفحص النفسي والتشخيص، إضافة إلى التعرف على القياس النفسي والإحصاء، من حيث أنها وحدات أساسية في البحث. أما الإعداد التطبيقي فهو يهدف إلى الاحتكاك بالميدان والاتصال المباشر بالحالات المرضية قصد أخذ صورة ملموسة عن الاضطرابات النفسية وكيفية التعامل معها. ولكي يكون التكوين التطبيقي مثمرا، يجب أن يتم تحت إشراف مختصين من ذوي الخبرة والمهارة العالية. يتم العمل التطبيقي غالبا من خلال انضمام الأخصائي إلى فريق أخصائي متشعب طبي،أخصائي نفساني مشرف، وطبيب عام وطبيب عقلي وأخصائي اجتماعي ومرشد مهني. وفي إطار التدريب المهني يحرص الأخصائي على إثراء معارفه النظرية وربطها بالوقائع الميدانية. من عيوب المقابلة، إذا صح التعبير تحتاج أنها تحتاج إلي وقت طويل ومجهود شاق للحصول على البيانات اللازمة. يواجه الباحث صعوبات جمة نابعة من رغبة الحالة في تضخيم الأحداث وإعطائها انطباع عن نفسه بأنه إنسان مهم بينما الحقيقة غير ذلك بل لا يدركها إلا هو. تحتاج المقابلة إلى وقت كبير لتحديد المواعيد وإرسال الأسئلة للإطلاع عليها والعثور على الأشخاص. قد يخطئ الباحث في إدراج المعلومات الدقيقة حول الموضوع وقد يفوته كتابة بعض العبارات والجمل مما يؤثر على صحة المعلومات ودقتها إلا لأنه يمكن التغلب على هذا الجانب السلبي باستخدام جهاز التسجيل إذا سمحت الفرصة. إن نجاح المقابلة يرتبط برغبة الحالة في الحديث وقدرته على التعبير بدقة عما يريد الإفصاح عنه. تتأثر المقابلة بعوامل متعددة مثل الضغوط النفسية والتوتر، المرض بعض الأعراض الذهانية كالهلاس والهذيانات وغيرها من العوامل التي قد تؤثر على كل من الباحث والحالة. قد يمتنع الحالة في الإجابة على الأسئلة الحرجة أو التي تسبب له إزعاجا فيما بعد، أو أن المقاومة قوية لديه، أو أنه صعب الثقة بالأخر.
المراجع
- حسن مصطفى عبد المعطى(1998): علم النفس الإكلينيكي، القاهرة، دار قباء، القاهرة.
- سامي محمد ( 2005): مناهج البحث في التربية وعلم النفس. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة الطبعة الثالثة.
- فوزي عبد الله (1995): البحث العلمي – المناهج والإجراءات، المطابع التعاونية. عمان – الأردن الطبعة الأولى.
- هندي صالح ذياب، وعليان، هشام عامر (1983): دراسات في المناهج والأساليب، دار الفكر عمان الأردن الطبعة الأولى