وعرف المالكية المال بتعريفات مختلفة، فقال الشاطبي: هو ما يقع عليه الملك، ويستبد به المالك عن غيره إذا أخذه من وجهه.

وقال ابن العربي: هو ما تمتد إليه الأطماع، ويصلح عادة وشرعا للانتفاع به.

وقال عبد الوهاب البغدادي: هو ما يتمول في العادة ويجوز أخذ العوض عنه.

وعرف الزركشي من الشافعية المال بأنه: ما كان منتفعا به، أي مستعداً لأن ينتفع به.

وحكى السيوطي عن الشافعي أنه قال: لا يقع اسم المال إلا على ما له قيمة يباع بها، وتلزم متلفه، وإن قلت، وما لا يطرحه الناس مثل الفلس وما أشبه ذلك.

وقال الحنابلة: المال شرعاً ما يباح نفعه مطلقاً، أي في كل الأحوال، أو يباح اقتناؤه بلا حاجة.

والمال عصب الحياة، وعدة الحرب، وعماد السلم؛ فبه تُنال الحقوق، وتُؤدَّى الواجبات، وبه يستطيع الإنسان أن يَبنيَ ويُعمِّرَ، وأن يزرع ويُثمِّرَ، وأن يَصنع ويُنتِجَ، به يصان العرض أن يُسلب، والأرض أن تُنهب، والكرامة أن تداس أو تدنس.

ولا عجب أن يهتم به الإسلام، ويعتبره إحدى الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة للمحافظة عليها: «الدين والنفس والعقل والعرض والمال»، ويرى أنه قِوام الناس، وبغيره لا تَتَحَقَّق عِمارة الدنيا، ولا نُصْرَة الدين، وهو نِعْمَة يجب أن تُشْكَر، وأمانة يجب أن تُرْعَى، كما أنه اختبار وفتنة، ليَبْلُوَ اللهُ الناسَ فيما آتاهم، ولهذا يَلْزَمُ كسْبُه وتَنْمِيته بالطرق المشروعة، وأداء الحقوق الواجبة فيه، والمحافظة عليه من السَّرَف والتَّرَف والإهمال.

إن الإسلام قد حَثَّ على تحصيل المال من وُجُوهِهِ المشروعة، وحُسْن تنميته بالطرق السليمة، وتوزيعه على أهله بالمعروف، وإنفاقه في الحق، وإمساكه عن الباطل.


Modifié le: vendredi 19 juin 2020, 12:45