أقسام العقد

يصطلح العلماء المتقدمون على تسمية العقود المالية بعقود البيع من باب تسمية العام باسم الخاص مع الكثرة لتعدد أنواع البيع لأن الذوات المبيعة إما عيناً بعين أو عرضاً بعرض أو عيناً بعرض وبالعكس، فالعين بالعين إن كانت نوعاً واحداً كالفضة بمثلها والذهب بمثله يشترط فيهما أمران: التناجز والتساوي، ثم إن بيعت بالميزان سمي ذلك مراطلة، وإن بيعت بالعدد سمي مبادلة، وإن كانت نوعين كذهب بفضة اشترط فيهما التناجز فقط ويسمى صرفاً وحكم بيع الطعام بالطعام كالعين في الشروط المذكورة، كما يأتي للمصنف في فصلي بيع الطعام وبيع النقدين؛ وأما العرض بالعرض وهو ما سوى العين والطعام وما سوى الأصول أيضاً على ما عند الناظم كما يأتي في فصله، فيشترط أن لا يؤجلا معاً لأنه من الدين بالدين المنهى عنه فإن عجلا معاً صح بجميع وجوهه كان أجل أحدهما وعجل الآخر، ويسمى حينئذ سلماً إن توفرت شروطه كما يأتي في فصل السلم، وكذا حكم العين بالعرض يمنع تأجيلهما، ويجوز تعجيلهما وإن عجلت العين دون العرض يسمى سلماً، وبالعكس يسمى بيعاً لأجل قاله ابن بشير وغيره، فعبر الناظم بلفظ الجمع إشارة إلى أنه أنواع ستة المذكورة في قوله: ما يستجاز بيعه إلخ. وكلها داخلة في التقسيم المتقدم وتكون صحيحة وفاسدة، ثم إن البيع مما يتعين الاهتمام بمعرفة أحكامه لعموم الحاجة إليه إذ لا يخلو المكلف من بيع وشراء فيجب أن يعلم حكم الله فيه قبل التلبس به، قال ابن العربي في القبس على موطأ مالك بن أنس: البيع والنكاح عقدان يتعلق بهما قوام العالم لأن الله سبحانه خلق الإنسان محتاجاً إلى الغذاء ومفتقراً إلى النساء وخلق له ما في الأرض جميعاً، ولم يتركه سدى أي هملاً يتصرف كيف شاء فيجب على كل مكلف أن يعلم ما يحتاج إليه من بيع أو غيره، ثم يجب عليه أن يعمل بما علم فيتولى أمر شرائه وبيعه بنفسه إن قدر وإلاَّ فغيره بمشورته ولا يتكل على من لا يعرف الأحكام أو يعرفها ويتساهل في العمل بمقتضاها. اهـ. وفي القباب: لا يجوز للإنسان أن يجلس في السوق حتى يتعلم أحكام البيع والشراء فإن علم ذلك حينئذ فرض واجب عليه، ولا يجوز أن يعطي قراضاً لمن لا يعرف أحكامه، ولا أن يوكل الذمي على البيع ونحوه. ولا أن يشاركه إلا إذا لم يغب عنه.
والبيع لغة مصدر باع الشيء إذا أخرجه عن ملكه بعوض أو أدخله فيه فهو من أسماء الأضداد يطلق على البيع والشراء كالقرء يطلق على الحيض والطهر، لكن لغة قريش كما للزناتي في شرح الرسالة استعمال باع إذا أخرج واشترى إذا أدخل. قال: وهي أفصح. وعلى ذلك اصطلح العلماء تقريباً للفهم. وقال الجزولي في شرح الرسالة: إن كل واحد من المتعاوضين بائع لما خرج من يده مشتر لما أخذ من يد غيره، واصطلح الفقهاء أن آخذ العوض يسمى مشترياً وآخذ العين يعني الدنانير والدراهم يسمى بائعاً.

Last modified: Friday, 19 June 2020, 10:48 PM