Bentayeb Hidayat Khadidja
عند مطلع العقد السابع من القرن العشرين ظهر اهتمام متزايد بتحليل السلاسل الزمنية وطرق التنبؤ بقيمها المستقبلية، فقد كانت تعد من أبرز الأساليب الإحصائية المستخدمة في التنبؤ للكثير من التطبيقات و المجالات العلمية. و يُعزى الاهتمام الكبير بالسلاسل الزمنية إلى الحاجة الماسّة لنظام تنبؤ موثوق به لتفسير الكثير من الظواهر في مختلف مجالات الحياة، و هذا النظام التنبؤي يتطلب بناء نماذج دقيقة تُسمى بنماذج السلاسل الزمنية التي أصبحت بُؤرة البحث و التطوير في السنوات الأخيرة للعديد من المجالات. و لذلك يعد التنبؤ من المسائل المهمة منذ أمد بعيد و بقي هذا الموضوع محط اهتمام الباحثين في سائر الحقول.
و يعتمد التنبؤ الاقتصادي بصورة أساسية على السلاسل الزمنية من خلال دراسة تطور الظاهرة مع الزمن بوصفه عاملا يظهر حاصل تأثير جميع العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة، فالظواهر تتغير مع الزمن من شهر إلى آخر و من سنة إلى أخرى. و لا يعد الزمن ذاته عاملا مؤثرًا في تطور الظواهر الاقتصادية بصفته مؤشرًا موضوعيًا مستقلا عن فعل الإنسان. إلا أن الزمن ملازم لتطور الظواهر الاقتصادية و من ثم يمكن الربط بين حالة الظاهرة و اللحظة التي تقابل هذه الحالة، أو بين تطورات الظاهرة و المدة الزمنية التي جرت أو ستجري فيها تلك التطورات الناجمة عن عوامل أخرى غير الزمن تؤثر في الظاهرة وتؤدي إلى تغيرها كمًا ونوعًا.
فالسلسلة الزمنية هي سلسلة من القيم العددية لمؤشر إحصائي يعكس تغير الظاهرة بالنسبة إلى الزمن. وكل قيمة عددية في السلسلة تقابل لحظة زمنية أو مدة زمنية محددة. و يمكن أن تكون المدة أيامًا أو شهورًا أو سنوات. و تنشأ سلسلة زمنية عن طريق مراقبة الظاهرة المدروسة مدة من الزمن و قياسها في مدد زمنية متساوية بهدف الحصول على قيمها.
و الهدف من دراسة السلسلة الزمنية وتحليلها هو معرفة التغيرات التي طرأت على الظاهرة التي تمثلها في مدة من الزمن. ثم تحليل أسبابها و نتائجها و تحديد اتجاهها حتى يمكن استخدامها للتقدير والتنبؤ بالمستقبل.