أوجه الاختلاف بين المصادر والمراجع:
نعرض تحت هذا العنوان الفرق بين المصدر والمرجع بحسب رأي كلّ باحث وفق ما جاء في كتابه مع التّركير على أهمّ المعايير المتّبعة في عمليّة التّصنيف عند كلّ واحد منهم.
الرأي الأول: عزّ الدّين إسماعيل في كتابه المصادر الأدبيّة واللُّغويّة في التّراث العربي
المصدر هو كلّ كتاب تناول موضوعًا وعالجه معالجة شاملة عميقة، أو هو كتاب يبحث في علم من العلوم على وجه الشّمول والتّعمق، بحيثُ يصبح أصلًا لا يُمكن لباحث في ذلك العلم الاستغناء عنه؛ كالجامع الصّحيح للبخاري، وصحيح مسلم هما أصلان ومصدران في الحديث النبوي، بينما تُعدُّ كُتب الأحاديث المختارة كالأربعين النووية من المراجع في ذلك، وككتاب الكامل للمبرد، وصبح الأعشى للقلقشندي، فهي أصول ومصادر في الأدب، وغيرها ممّا أخذ عنها مراجع. (6)[1].
الخلاصة:
المصدر يحتوي على مادّة أساسيّة.
المرجع هو ذلك الكتاب الَّذِي يرجع فيه صاحبه إلى المادّة الأصليّة ويأخذ منها.
الرّأي الثّاني: علي جواد الطّاهر في كتابه مناهج البحث الأدبي
قسّم المصنّفات إلى مصادر ومراجع بالعتماد على معيار القِدم والحداثة، ونلمح ذلك من قوله: المصادر هي الكتب القديمة الَّتِي يعود إليها الباحث ليأخذ منها مادته الخام، وهي وحدها الجديرة باسم المصادر. ومن المصادر ما يرتقي تأليفه إلى عصر الموضوع الَّذِي تكتب فيه، ومنها ما يعود لعصور تالية له، أمّا المراجع فهي تلك المؤلّفات الحديثة الَّتِي كتبها مؤلّفون معاصرون لنا أو من أبناء العصر الحديث في موضوعات قديمة، ومن هنا ميَّزوها عن المصادر فسميت المراجع. (7)[2].
الخلاصة:
المراجع أُلِّفت للقراء أوّلًا؛ لتكون أقرب شيء يرجعون إليه للعلم بشيء أو العلم بعدّة أشياء، أمّا المصادر فهي للمؤلّفين.
المراجع لعامة طالبي المعرفة، أمّا المتخصّصون فيذهبون إلى أبعد منها، إلى المصادر أو المنبع.
الرّأي الثّالث: عبود عبد الله العسكري في كتابه منهجية البحث العلمي في العلوم الأساسيّة
المصدر هو الكتاب الَّذِي تجد فيه المعلومات والمعارف الصّحيحة من أجل الموضوع الَّذِي تُريد بحثه، على حين أنّ المرجع هو مصدر ثانوي، أو كتاب يُساعدك في إكمال معلوماتك والتّثبت من بعض النقاط والمعلومات الَّتِي يحويها تقبل الجدل. وترجع أصالة المصادر إلى أنّها أقدم ما عُرف عن الموضوع الَّذِي ندرسه، فهي ذات قيمة رفيعة، ولا ريب في أنّ أكثر المصادر أصالة هو ما كَتبه المؤلّف بيده، وكذلك ما أملاه، وأجاز روايته عنه.
كمّا دعّم الكاتب رأيه بمثال يُفرّق فيه بين المصادر والمراجع بقوله: يُعدُّ "ديوان المتنبي" مصدرًا أساسيًا لا يُمكن الاستغناء عنه مطلقًا لمن يُريد دراسة حياة المتنبي وشعره، ومجتمعه وعصره ... إلخ. والمعلومات الَّتِي يحويها معلومات أساسيّة، وحقيقة لا يجادل فيها أحد، أمّا جميع من كتب عن المتنبي، فيعدُّ مرجعًا أو مصادر ثانوية لدراسة المتنبي. (8)[3].
الخلاصة:
المصدر هو الأصل، وأكثرها أصالة ما كَتبه المؤلّف بيده أو أملاه أو أجاز روايته عنه.
المرجع ثانويّ، وهو الكتاب المساعد في عمليّة البحث.
وصفوة القول: فإنّ التّفريق بين المصادر والمراجع يستند إلى مجموعة من المعايير بحسب الآراء السّابقة الذّكر نذكرها في النقاط التّاليّة:
من حيثُ المادّة: المادّة الأصليّة هي المصادر، والفرعيّة هي مراجع.
من حيثُ القِدم والحداثة: القديم هو مصدر، والحديث هو مرجع.
مِن حيثُ كاتب الكتاب: الكُتب الَّتِي يكتبها المؤلِّف هي مصادر، والكتب الَّتِي تكتب عن كتب أخرى هي مراجع.