التّعريف بكتاب العين

يُعدُّ كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي أوّل معجم شامل ظهر في تاريخ اللُّغة العربيّة، فقد جمع فيه الكلمات العربيّة كلّها على نسق خاص، ونمط معيّن. كما يُعدُّ الأصل لكلّ الكتب المؤلّفة والمصنفة في اللُّغة، الَّتِي عرف بها ضبط الألفاظ واشتقاقها وشرح معانيها. (9).[1]
هدف المعجم: لقد كان غرض الخليل الرّئيسي هو استيعاب كلام العرب، وحصر الثّروة اللّفظيّة حصرًا شاملًا؛ لأنّ الرسائل اللُّغوية السّابقة لا تسير في جمع اللُّغة على أسس علمية ثابتة، ولا يُمكن عن طريق هذه الرّسائل جمع اللُّغة وحصرها حصرًا شاملًا. (10).[2]
منهج المعجم: أسّس الخليل بن أحمد الفراهيدي معجمه على مجموعة من الأسس: وهي: الأساس الصّوتي، والأساس الكمي، والأساس التّقليبي، والأساس الجذري، وفيما يلي شرح كلّ أساس على حدة.
*الأساس الصّوتي: رتب الخليل حروف الهجاء ترتيبًا تصاعديًا بحسب مخارجها بادئًا بالأعمق مخرجًا ومنتهيًا بالأقرب على النحو التّالي مما جعل اللّغويون يُطلقون عليه اسم الأبجدية الصّوتية: ع ح ه خ غ/ ق ك/ ج ش ض/ ص س ز/ ط د ت/ ظ ذ ث/ ر ل ن/ ف ب م/ و ا ي. (11).[1]
*الأساس الكمي: فقد أراد أن يحصر أبنية كلام العرب المستعمل منها والمهمل فكانت كالتّالي:
الثّنائيّة: 756 جذرًا، والثلاثيّة: 19656 جذرًا، والرّباعيّة 491400 جذرًا، والخماسية 491400 جذرًا. (12)[3].
*الأساس التّقليبي: وجد الخليل بن أحمد أنه بمقدوره أن يأخذ كلّ بناء من الأبنية الأربعة، فيقلبه على جميع أوجهه الممكنة، فيحصل على وعاء يضم جميع ألفاظ اللُّغة، فلا يفلت منها شيء منه، ولما لم تكن جميع مقلوبات هذه الأبنية مستعملة في اللُّغة، نصَّ كلّ مادة من مواد كتابه على المستعمل من مقلوباتها، وسمى النوع الثّاني مهملًا.
ورأى الخليل أن الكلمة الثنائية تتصرف على وجهين مثل: عق/ قع.
والكلمة الثّلاثيّة تتصرّف على ستة أوجه، وتسمى مسدوسة، مثل: ر ج ع/ ر ع ج/ ع ج ر/ ع ر ج/ ج ع ر/ ج ر ع.
والكلمة الرّباعية تتصرف على أربعة وعشرين وَجهًا، وذلك أنّ حروفها وهي أربعة أحرف تضرب في وجوه الثّلاثي الصّحيح، وهي ستة أوجه، فتصير أربعة وعشرين وجهًا يكتب مستعملها ويُلغى مهملها.
والكلمة الخماسية تتصرّف على مائة وعشرين وجهًا، وذلك أنّ حروفها وهي خمسة أحرف تُضربُ في وجوه الرّباعي وهي أربعة وعشرين وجهًا فتصير مائة وعشرين وجهًا، يُستعمل أقلّه ويُلغى أكثره. (15).[3]
*الأساس الجذري: وهي إرجاع المادّة اللُّغويّة إلى أصلها بعدّة طرق وهي:
تجريد اللّفظة من الزوائد.
ردّ حروف العلّة إلى أصولها.
ردّ المحذوف مثل عِدة أصلها وعد.
ردّ الجمع إلى مفرده.
ردّ المصغّر إلى مكبره.
طريقة الكشف في المعجم: بعد الوقوف على منهج الخليل بن أحمد الفراهيدي بالتّفصيل، والاطّلاع على مبادئ نظريته المعجميّة الَّتِي سطّرها في مقدمته، يُمكن أن نلخص أهمّ الخطوات الَّتِي نتّبعها في عملية الكشف عن أيّة وحدة معجميّة نريدها في العناصر التّاليّة:
*إرجاع الكلمة إلى أصلها، وذلك بعدّة طرق بحسب الوحدة المعجمية إن كانت أصل للمادّة أو فيها زيادة أو كانت صيغتها جمعًا.... وهذه الطّرق هي:
-تجريد الكلمة من حروف الزيادة.
-ردّ المادّة إلى أصلها إن كان هناك قلب أو حذف.
-ردّ الجمع إلى المفرد، والمؤنث إلى مذكره.
ردّ الاسم المصغر إلى مكبره.
*التّعرف على التّرتيب الصّوتي عند الخليل؛ لأنّ هناك اختلاف في ترتيب الأصوات بين الباحثين قديمًا وحديثًا.
*التّعرف على ترتيب الأبنية وفق ما أشار إليه الخليل في مقدمته.
*مراعاة التّقليبات الصّوتية للوحدات المعجميّة في عملية التّرتيب.