السياق التاريخي لتطور الديمغرافيا

المرحلة الأولى: الحضارات القديمة.

الصينيين: اهتموا بمحاولة تحقيق التوازن الأمثل بين الأرض والسكان ، مثل ما جاءت بها كتابات "كونفوشيوس" حيث أعار اهتمامه لفكرة التناسب بين مساحة الأرض و عدد السكان مؤكدا على أن تضخم عدد السكان تضخما يزيد عن حد معين يؤدي إلى انخفاض دخل الفرد و بالتالي انخفاض مستوى الحياة

العامة للشعب و حمل كونفوشيوس الدولة مسؤولية نقل المواطنين من المناطق المزدحمة إلى المناطق

الأقل ازدحاما وأوضح العوامل التي تؤثر في نمو السكان وحصرها في نقص الغذاء والحرب والزواج

المبكر والتكاليف المبالغ فيها عند الزواج. كما حدد مهمة الحكومة ودورها فيما يتعلق بالسكان وحياتهم

في تحقيق ثلاث أمور هي:

  • أن يكون للسكان كفايتهم من الطعام. -

  • أن يكون للسكان كفايتهم من العتاد الحربي. –

  • أن يكون لدى السكان الثقة بحكامهم.

وبصفة عامة فإن الرسم التوضيحي الموالي يبين أهم أفكار كونفوشيوس في المسألة السكانية

اليونانيين: أجمع فلاسفة اليونان في الدعوة إلى ضرورة تحقيق حجم سكاني ثابت، للمحافظة على الأمن والنظام في المدينة واهتموا بمشكلة حجم السكان من ناحية الدفاع والأمن أكثر من اهتمامهم بعلاقة السكان بالنواحي الاقتصادية.

فأفلاطون يقول أنه على الحكام أن يثبتوا عدد السكان عند حد أمثل، على أن يعوضوا ما قد فقد أقرانهم جراء الأمراض أو الحروب، عن طريق تنظيم عقود الزواج، واقترح أن يكون عدد سكان المدينة في حدود 5040، فإن زاد فمن الضروري تحديد النسل، وتنظيم الهجرة، وإذا انخفض فالواجب تشجيع الزواج وتأسيس دوائر تعمل على منح الجنسية للمهاجرين كآخر إجراء.

أما أرسطو فقد كان يحذر من النمو غير المتناسب بين طبقات المدينة وما يترتب على ذلك من ثورات، وتجدر الإشارة إلى أن أرسطو على خلاف أستاذه أفلاطون لم يحدد عدد سكان المدينة بالضبط و لكنه اعتقد بضرورة وجود حجم ثابت للسكان تتحكم فيه الحكومة وبإمكانها أن تتدخل بشتى الأساليب التي من شأنها أن تحقق التناسب بين حجم السكان في المدينة و مواردهم، خاصة مساحة الأرض و قدرتها على إشباع حاجات السكان إلى حد أنه يوافق على الإجهاض أو التخلص من أي طفل يولد و به عيب في التكوين . و الرسم البياني الموالي يبين تصنيف وحدات المجتمع حسب منظومة أرسطو.

الرومانيين: كانوا أكثر اهتماما بفوائد السكان العسكرية أكثر من شيء آخر، لذلك فقد أظهر الكتاب وفلاسفة الرومان اهتمام بالغ بزيادة السكان، ورفضهم للعزوبية، ونظرتهم للزواج باعتباره أساس النسل، فقد كانت تشريعاتهم تحث على ذلك، فأعطت امتيازات خاصة للمتزوجين وإنجاب الأطفال وحجبتها عن العزاب.

الحضارة العربية الإسلامية:

أبرز من تكلم عن الظاهرة السكانية هو ابن خلدون:

  • الزيادة السكانية عامل مساعد على رفع مستوى المعيشة، لأنها تسمح بزيادة تقسيم العمل وتنوع المهن، والشعور بالأمن عسكريا وسياسيا وبها يتطور العلم.

  • التغير في حجم السكان يواكب التقلبات الاقتصادية، فالرخاء الاقتصادي والاستقرار السياسي يؤديان إلى الزيادة، لارتفاع المواليد وقلة الوفيات، وميل الناس إلى حياة البذخ.

  • في عهد ضعف الدولة يضطر الحكام إلى فرض الضرائب العالية، فيكون ذلك بادرة التدهور السياسي والكساد الاقتصادي وقلة السكان.

المرحلة الثانية:عصر ما يسمى بالتنوير

جون جرانت "إنجليزي"، أول من حاول القيام بأبحاث منظمة في مجال الديموغرافي، في كتابه"ملاحظات طبيعية وسياسية حول قوائم الوفيات" 1662، حدد فيها أسباب الوفيات، وإدراك مدى تأثر الولادات بالعوامل الاجتماعية ، والوضع الاقتصادي السائد.

ويليام بيتي williampetty الإنجليزي، كتابه "الحساب السياسي" 1690، أكد على أهمية المقاييس الإحصائية في حل مشاكل الاقتصاد، وتوجيه السياسات الحكومية، أعتم بالتنبؤ السكاني، واقتصاديات التحضر،تركيب السكان، القوى العاملة، أبرز أهمية الفوائد الإدارية لكثرة السكان، فقلة السكان هي الفقر الحقيقي.

جوهان سوسملش johannsusmilsh ألماني: المؤسس الثاني للديموغرافيا، صاحب البحث الشامل عن السكان "النظام الإلهي" ، درس نمط تغير التركيب الجنسي مع تطور العمر، وقام بعدة حسابات لمعدلات الولادة الولادة والوفيات والزواج.

أدولف كيتليه بلجيكي: الفيزياء الاجتماعية " درس الظواهر الاجتماعية الإدارية القابلة للإحصاء سواء كانت سوية كالولادات والوفيات والزواج والهجرة أم غير سوية كالإجرام والانتحار في مختلف الظروف والأحوال، والغية منها الوصول إلى الكشف عن القوانين الخاضعة لها في زيادتها أو نقصانها وفي تاثرها بمختلف العوامل الاجتماعية.

المرحلة الثالثة: مطلع القرن العشرين:

بدأت تتشكل في فرنسا معالم مدرسة في علم السكان، من أعمال مجموعة من الباحثين خاصة عند تحسن الوضع بعد الحرب العالمية2، تحت تأثير ظاهرتين متعارضتين عملتا في نفس الاتجاه:

الفقر السكاني في فرنسا وتقدم المجتمع نحو الشيخوخة والانقراض منذ سنة 1939.

التزايد السكاني المفرط في الدول النامية.