المحور الأول :الأدب المقارن مفهومه وشروطه وميدانه مباحثه

3.ميدان الأدب المقارن ومباحثه

من خلال ما تقدم يتّح لنا جليا أن الأدب المقارن يتوجه للبحث في الصلات بين الآداب الإنسانية بغية اكتشاف الاشعارات الصريحة التي تبين مختلف الآداب القومية، كما يعنى بالأفكار والموضوعات والنماذج الأدبية المنتقلة من أدب إلى آخر.

أ. الأجناس الأدبية: وهي تلك القوالب الفنية التي تُصَبُّ فيها المادة الأدبية، وعلى إثرها يتم تقسيم الإنتاج الأدبي إلى ملاحم، ومسرحيات، وقصص، ومقامات، ومقالات، وروايات...، والباحث المقارن يتتبع نشأة الجنس الأدبي وحركته وتغيراته، وأسباب ذلك، ونتائج ذلك من بيئة إلى بيئة، ومن عصر إلى عصر، ووجب عليه توخي الدقة وإقامة الحجة، وتمحيص المادة التاريخية التي يلجأ إليها أثناء الدراسة.

ب.الموضوعات الأدبية: وهي من المحاور الأساسية التي عني بها الأدب المقارن في مقدمتها ألمانيا وفرنسا، وتتجلى معالم التأثير والتأثر من خلالها، وتتمثل في تلك النماذج البشرية الحقيقية(كليوباترا)، والنماذج البشرية الأسطورية(جحا)، والباحث المقارن مطالب بتحديد مدى أصالة هذه النماذج وهي تنتقل من بيئة أدبية إلى أخرى 1[1] .

ج.تأثير الكتّاب ببعضهم البعض: وهو من المباحث الأكثر انتشارا في الدراسة المقارنة، ويقوم على فكرتين:

-تحديد المؤثِر: ويتم فيه توضيح مقدار التأثير إما جزئي وإما شامل، نحو تأثير شكسبير بأعماله في غيره.

-تحديد المتأثرِ: وقد يكون فردا أو مجموعة من الأدباء، نحو تأثر أدباء مصر بالكاتب الفرنسي" دي موباسان"، وفي هذا الموضوع يستوجب على الباحث المقارن الاضطلاع الواسع والفهم السليم والتحري الدقيق قبل الاستنتاج.

د.دراسة مصادر الكاتب: هي عملية جرد أو إحصاء لاضطلاعات الأديب، ومعرفة الموارد التي نهل منها وتأثر بها على تنوعها(كتبا-مراسالات-مقالات...)، وهذه الدراسة تكشف جوانب أصالة الأديب المتأثِر، وحجم إبداعاته، رغم معارضة بعض الدارسين لهذا الأمر بداية 2[2] .

ه.التيارات الفكرية والأدبية: تتبادل الأمم فيما بينها الأفكار الدينية والفلسفية فضلا عن التيارات الأدبية، والتي لا تظل حبيسة أموة واحدة نحو المذاهب الأدبية، إذ يقف الباحث المقارن عند هذه الأفكار ويوضح ملامح هذه التيارات مع التصريح بمصدرها الأصلي، نحو ما قام به"بول فان تيغم" في (المذهب الرومانسي في الأدب الأوروبي) 3[3].

و.صورة الأجنبي في أدب ما: قد تكون جزئية كصورة اسبانيا في شعر شوقي، والباحث المقارن يتوجب عليه دراسة حياة المؤلف ليقف على صلته بالبلد، ثم يحدد مصدر المعلومات التي قدمها، وبعدها يبين مستوى الصورة من حيث الصدق والشمولية، وقد تعالج صورة أمة من قبل مجموعة من الأدباء، وهذا النوع من الدراسات يمكّن الأمة من معرفة نفسها في نظر غيرها، وتعمل على السعي للارتقاء والتصحيح .

  1. 1

    الأدب المقارن أصوله وتطوره، الطاهر أحمد مكي، دار المعارف، ط1، 1987.

  2. 2

    الأدب المقارن، محمد غنيمي هلال، دار العودة، بيروت، ط5.

  3. 3

    التيارات والتأثيرات الأدبية، سعيد علوش، المركز الثقافي العربي، المغرب، ط1، 1986.

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)