تقسيمات الجرائم

تعد الجريمة فعلا غير مشروع صادر عن شخص يعتد بإرادته قانونا بحيث يعاقب عليه القانون بعقوبة جزائية، وعلى هذا الأساس فإنه الجريمة تقسم إلى عدة تصنيفات والتي يمكن تقسيمها إلى جرائم بحسب خطورتها، وجرائم بحسب ركنها المادي وجرائم بحسب طبيعتها وأخيرا بحسب ركنها المعنوي، وهذا وفق ما يلي:

تقسيم الجرائم حسب خطورتها

قسم المشرع الجزائري الجرائم بحسب خطورتھا إلى ثلاثة أقسام ، حیث نصت المادة 27 من ق ع ج على ما یلي: تقسم الجرائم تبعا لخطورتھا الى جنایات وجنح ومخالفات وتطبیق علیھا العقوبات المقررة للجنایات أو الجنح أو المخالفات .

1-الجنايات: تعد الجنايات من أخطر الجرائم وأشدها جسامة ولذلك فقد حدد المشرع الجزائري بموجب المادة 05 من قانون العقوبات الجزاءات المقررة لهذه الجريمة وهي عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المؤقت لمدة تترواح من 5 سنوات إلى 30 سنة.

2-الجنح: تعد الجنح من الجرائم متوسطة الخطورة، والتي أقر لها المشرع الجزائري عقوبات متمثلة في الحبس من شهرين إلى 05 سنوات ماعدا الحالات التي يقرر فيها هذا القانون أو القوانين الخاصة حدودا أخرى، هذا اضافة لعقوبة الغرامة التي تتجاوز 20.000 دج .

3- المخالفات : وتعد من الجرائم قليلة الخطورة بالمقارنة مع الجنح والجنايات، فتتمثل العقوبات الأصلية في المخالفات في الحبس من يوم الى شهرين، والغرامة من 2000إلى 20000دج.

وما تجدر الإشارة إليه فإنه يمكن التمييز بين الجنايات والجنح والمخالفات من خلال نقطتين أساسيتين هما:

أ-الجانب الإجرائي:

  • بالنسبة للإختصاص: تختص محكمة الجنايات الابتدائية والاستئنافية بالفصل في الجنايات، في حين يؤول الاختصاص بالنسبة للجنح إلى محكمة الجنح، في حين المخالفات تنظر أمام محكمة المخالفات.

  • بالنسبة للتحقيق: أما بالنسبة للتحقيق فإن التحقيق في الجنح يعتبر جوازي، في حين أن التحقيق في الجرائم التي تأخذ وصف الجناية يعتبر إلزاميا، أما بالنسبة للمخالفات فإن التحقيق فيها إختياري.

  • بالنسبة لتقادم الدعوى العمومية: تتقادم الدعوى العمومية في الجرائم التي تأخذ وصف الجناية بمرور 10 سنوات، أما بالنسبة للجنح فتتقادم بمرور 3 سنوات، في حين تتقادم المخالفات بمرور سنتين.

ب-الجانب الموضوعي:

إن الشروع في الجريمة هو ارتكاب الجاني للسلوك الإجرامي كله أو بعضه دون أن تتحقق النتيجة ، وعليه فإنه يعاقب على الشروع في الجنايات، في حين أنه غير معاقب عليه في الجنح إلا بموجب نص صريح، بينما لا يعاقب على الشروع في المخالفات.

تقسيم الجرائم حسب ركنها المادي

إلى جانب تقسيم الجرائم من حيث خطورتها إلى جنايات وجنح ومخالفات، يوجد تقسيم آخر من تقسيمات الجرائم بحسب ركنها المادي والتي تقسم إلى ما يلي:

1-الجريمة الإيجابية والجريمة السلبية:

إن الجريمة الإيجابية تعني القيام بفعل يعاقب عليه القانون، فيفترض أن تكون حركة إرادية من الجاني، كإرتكاب جريمة القتل، السرقة، السب والقذف، أما بالنسبة للجريمة السلبية أو بما تعرف بجرائم الامتناع وهي ذلك الامتناع عن الفعل الإيجابي وهي نوعان جرائم سلبية بسيطة لا يشترط فيها وقوع نتيجة معينة كجريمة ترك طفل في مكان خال والامتناع عن التبليغ عن وقوع جريمة، بالإضافة إلى الجرائم السلبية البسيطة يوجد كذلك جرائم سلبية ذات نتيجة كترك طفل في مكان خال ونتج عن ذلك وفاة الطفل أو عجزه.

2-الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة:

تتطلب الجريمة الوقتية نشاط اجراميا سواء كان إيجابيا أو سلبيا ينتهي خلال مدة زمنية محددة لا يتحمل الاستمرار كجريمة القتل والضرب، أما بالنسبة للجريمة المستمرة فيلعب الزمن دورا جوهريا بحيث يستغرق فعلها المادي مدة من الزمن حتى ولو كانت قصيرة كإخفاء قاصر مخطوف فيستمر في هذه الجريمة ركنيها المادي والمعنوي.

وبالتالي فإن النص الجديد لا يسري على الجريمة الوقتية إذا ارتكبت قبل صدوره إلا إذا كان أصلح للمتهم بينما يسري النص الجديد على الجريمة المستمرة، أما بخصوص الاختصاص فإن المحكمة المختصة في الجريمة الوقتية خو مكان وقوع الجريمة أو محل إقامة أو مكان القبض على الجاني، أما في الجريمة المستمرة فيكون الاختصاص لكل مكان قامت فيه حالة الاستمرار.

أما بالنسبة للتقادم فإن الدعوى العمومية تتقادم في الجريمة الوقتية من تاريخ وقوع الجريمة، أما بالنسبة للجريمة المستمرة فإنها تتقادم من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار.

3- جرائم الإعتياد والجرائم البسيطة:

من قبیل جرائم الاعتیاد في قانون العقوبات الجزائري الاعتیاد على ممارسة التسول وجریمة الاعتیاد على قبول ممارسة الدعارة من شخص أو أكثر وجریمة الاعتیاد على ممارسة الفسق، ولذلك فإنه يشترط في جرائم الاعتياد تكرار النشاط الاجرامي بنفس الأفعال. أما بالنسبة للجرائم البسيطة فتتم بنشاط إجرامي واحد فوري أو مستمر كالقتل.

ومنه فإن سريان النص الجديد فإن الجرائم البسيطة يستفيد الجاني من القانون الأصلح له إذا صدر قبل صدور الحكم النهائي، أما بالنسبة لجرائم الاعتياد فإن القانون الجديد الأشد يسري على الفاعل إذا وقع الفعل الثاني في ظله.

أما بالنسبة للإختصاص في جرائم الاعتياد فيكون لكل محكمة ارتكب في دائرة اختصاصها فعل واحد من أفعال الإعتياد، أما بالنسبة للجرائم البسيطة فيكون الاختصاص للمحكمة مكان وقوع الجريمة. وبالنسية لسريان التقادم فإن سريان التقادم في جرائم الإعتياد فيكون من اليوم التالي لآخر فعل من أفعال الإعتياد أما بالنسبة للجرائم البسيطة فيبدأ من تاريخ ارتكاب الجريمة.

4- الجريمة المادية والجريمة الشكلية:

إن الجريمة المادية هي تلك الجريمة التي يحتوي ركنها المادي على نشاط إجرامي ونتيجة وعلاقة سببية تربط بين السلوك الاجرامي والنتيجة، ومن قبيل الجرائم المادية جريمة القتل والاختلاس والسرقة، أما الجریمة الشكلیة وھي من جرائم السلوك أو الخطر فیكفي القیام بالسلوك الإجرامي كي تتحقق الجریمة حتى ولو لو لم ینتج عنھا ضرر أو نتیجة، من قبيل الجرائم الشكلية حمل السلاح بدون ترخيص، حيازة المخدرات.

5- الجريمة المتتابعة الأفعال:

تتكون الجريمة المتتابعة الأفعال من مجموعة من الجرائم وهي من الجرائم العمدية التي تقوم على تكرار نفس الفعل كالقيام بسرقة محتويات مسكن على دفعات، فالجريمة هنا لها عقوبة واحدة بالرغم من أن كل فعل يعد في حد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالي فإن ارتكب الجاني بعض الأفعال في بلد والبعض الآخر في بلد آخر فإن الجريمة تخضع لقانون البلدين، في حين یبدأ تقادم الدعوى العمومیة في جرائم متتابعة الأفعال من الیوم التالي لآخر فعل المكون لجریمة المتتابعة الأفعال

6- الجريمة المركبة:

وهي التي تتكون عناصرها الأساسية من عدة أفعال نادية كجريمة السرقة بإستعمال العنف أو التهديد لأن هذه الأفعال تشكل جرائم في حذ ذاتها فينعقد الاختصاص لكل محكمة ارتكبت في دائرتها فعل من أفعال الجريمة لتتقادم الدعوى العمومية من اليوم التالي لآخر فعل مكون لها.

تقسيم الجرائم حسب طبيعتها

إلى جانب التقسيمات السابقة يمكن تقسيم الجرائم من حيث طبيعتها إلى جرائم سياسة وأخرى عسكرية وهذا ما سيتم التطرق إليه وفق ما يلي:

1-الجريمة السياسية:

تعد الجرائم السياسية من الجرائم الماسة بالمصلحة السياسية للدولة أو بحق سياسي لأحد الأفراد كجريمة الخيانة والتجسس، بحيث قرر المشرع التشديد في العقوبة عن هذه الجريمة، كون الاعتداء على النظام السياسي نتائجه أخطر من تلك التي يحدثها المجرم العادي.

2-الجريمة العسكرية:

تعد الجريمة العسكرية من الجرائم التي تقع على شخص خاضع للأحكام العسكرية أو تصيب مصلحة عسكرية أو كل فعل صادر عن شخص خاضع لأحكام العسكرية إخلالا بالنظام العسكري كالإهمال في طاعة الأوامر.

تقسيم الجرائم حسب ركنها المعنوي

تقسم الجرائم كذلك إلى جرائم من حيث ركنها المعنوي إلى جرائم عمدية وأخرى غير عمدية، وهو ما سيتم التطرق إليه وفق ما يلي:

1-الجريمة العمدية:

إن الجريمة العمدية هي التي يكون القصد الاجرامي أساسا لقيامها والتي تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل وإحداث النتيجة مع توافر العلم بأن فعله يعتبر مخالفا للقانون، فيتحقق القصد الجنائي مما يدعو إلى العقاب على الشروع في الجريمة لأن من أركانه توفر القصد الجنائي، وبالتالي فإن عقوبة الجريمة العمدية أشد من عقوبة الجريمة الغير عمدية عند تعادلها في الوصف والنوع، ومن قبيل الجرائم العمدية جرائم الاختطاف والرشوة.

2-الجريمة الغير عمدية:

وهي تلك الجريمة التي تتجه إرادة الجاني الى الفعل دون النتيجة لعدم توقعها أو تصورها، كما قد يتصور وقوعها غلا أنه يواصل في فعله لترجيحه عدم حدوث النتيجة كالاهمال والرعونة وعد الانتباه وعدم الاحتياط وعدم مراعاة الأنظمة والقوانين، وبالتالي لا يمكن تصور الشروع في الجرائم الغير عمدية على اعتبار أن الجاني لا يريد تحقيق نتيجة، كما أن الاشتراك غیر متصور في الجرائم غیر العمدیة ،باعتبار أن الاشتراك یتطلب انصراف إرادة الشریك إلى تحقیق النتیجة المجرمة.