تمييز عقد البيع عن بعض العقود

عقد البيع وعقد الهبة

عقد البيع وعقد الهبة كلاهما من العقود المسماة، وكلاهما واردان على التملك، بيد أن الواهب في عقد الهبة لا يعاوض الموهوب له، وإنما يقوم بالتبرع له.

فما يميز البيع من الهبة هو وجود العوض، فإذا وجد العوض في نقل الملكية، كان العقد بيعاً، وإذا لم يكن هناك مقابل لنقل الملكية، كان التصرف هبة، كما قد تكون هذه الأخيرة مكشوفة واضحة، وقد تكون خفية مستورة.

وللتمييز بين عقد الهبة وعقد البيع فوائد جمة، ففي عقد البيع يضمن البائع للمشتري عيوب البيع الخفية، في حين لا يضمن الواهب للموهوب هذه العيوب، كما أن للبائع في عقد البيع أن يحتبس المبيع لديه حتى يقبض الثمن، في حين لا يستطيع الواهب أن يفعل ذلك في عقد الهبة([1]2)[1].

عقد البيع وعقد البيع بالإيجار

قد يختلط الأمر كما في البيع الايجاري الذي هو العقد الذي يريد فيه المتعاقدان الإيجار والبيع معا ، فهو إيجار إلى أن يتم الوفاء بالثمن كاملا وبيع حين يتم الوفاء ، يثور التساؤل عند البيع بالإيجار هل هو بيع أم إيجار؟

ولكن من غير المنطقي أن يوصف عقد واحد في نفس الوقت بأنه بيع وإيجار معا لأن طبيعة كل من هذين العقدين تختلف عن الأخرى، وإذا اعتبرناه بيعا بالتقسيط معلقا على شرط واقف هو الوفاء بكافة الأقساط، فأين هي الأجرة في عقد الإيجار ؟ وإذا اعتبرناه إيجارا معلقا على شرط فاسخ هو الوفاء بالأجرة فأين هو الثمن في عقد البيع ؟

إذن لا بد من تكييفه بأحد الوصفين فإما يكون بيعا وإما إيجار، لذلك نص المشرع الجزائري على اعتبار العقد في هذه الحالة شرط واقف معلقا على شرط واقف وجعل انتقال الملكية معلقا على دفع الأقساط فنجد المادة 363 مدني جزائري بعد أن بينت في فقراتها الثلاثة الأولى حكم البيع مع شرط الاحتفاظ بالملكية :

( إذا كان من البيع مؤجلا جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفا على دفع الثمن كله ولو تم تسليم الشيء المبيع.

فإذا كان الثمن يُدفع أقساطا جاز للمتعاقدين أن يتفقا على أن يستبقي البائع جزءا منه على سبيل التعويض في حالة ما إذا وقع فسخ البيع بسبب عدم استيفاء جميع الأقساط. ومع ذلك يجوز للقاضي تبعا للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفقا للفقرة الثانية من المادة 184، وإذا وفي المشتري جميع الأقساط يعتبر انه تملك الشيء المبيع من يوم البيع.....نصت في فقرتها الرابعة ( تسري أحكام الفقرات الثلاثة السابقة حتى ولو أعطى المتعاقدان للبيع صفة الإيجار).

فالبيع الايجاري إذن بيع فحسب ،ويلاحظ الفرق بين البيع الايجاري الذي هو عقد والذي اعتبره المشرع بيعا فحسب ،وبين الإيجار المقترن بالوعد بالبيع الذي يتضمن عقدين كل منهما مستقل عن الآخر عقد إيجار والوعد بالبيع.

بعض معايير التمييز بين عقد البيع وعقد البيع بالإيجار

معيار التمييز

عقد البيع

عقد البيع بالإيجار

من حيث الأطراف

بائع ومشتري

مؤجر / بائع

مستأجر / مشتري

من حيث الطبيعة القانونية

عقد بسيط

عقد مركب

من حيث النظام القانوني

أحكام عقد البيع

أحكام عقد البيع والإيجار

عقد البيع وعقد المقاولة

تعرف المقاولة بأنها: " عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بصنع شيء أو تأدية عمل لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر " ، فعقد المقاولة ينصب على عمل يقوم به الصانع مقابل أجر يقدمه صاحب المشروع كالبناء مثلا أو الخياطة أو صناعة الأحذية وغيرها.

ولكن قد يختلط الأمر بين البيع والمقاولة لوجود تشابه بينهما فيصعب التفرقة بينهما، وللتمييز بين العقدين ننظر فإذا كان الصانع هو الذي ورد المواد الأولية التي يستخدمها وكانت قيمتها أكبر من قيمة عمله ، فالعقد بيع، لأننا نرجح الأعلى ثمنا وهو المواد الأولية.

أما إذا كانت المواد الأولية أقل قيمة من عمل المقاول ، كالرسام يورد القماش أو الورق الذي يرسم عليه والألوان التي يرسم بها ، فهذه المواد أقل بكثير من قيمة عمل الفنان ، ويكون العقد عقد مقاولة لا عقد بيع، وكذلك الخياط إذا ورد القماش وكانت قيمته أقل من قيمة العمل فالعقد مقاولة ، وإذا كانت قيمته أكبر فالعقد بيع وقد تتقارب قيمة القماش وقيمة العمل.

فالعقد يكون في هذه الحالة مزيجاً من بيع ومقاولة ، وفي حالة المقاول الذي يتعهد بإقامة مبني ، فإن كانت الأرض التي يقام عليها المبني ملكاً لرب العمل كما هو الغالب فالعقد مقاولة ، وإن كانت الأرض ملكاً للمقاول فالعقد بيع .

ومنه فان ما يقدمه المقاول من أشياء ثانوية كمواد وأدوات البناء على غرار أصل الشيء (العقار) فنكون هنا بصدد عقد إيجار، أما إن كان جوهر الشيء مع الأشياء الثانوية تابعة للمقاول فنكون هنا أمام عقد بيع .

ويسمى عقد المقاولة في الفقه الإسلامي بعقد الاستصناع ويعرفه الفقهاء بقولهم هو عقد على مبيع في الذمة، شرط فيه العمل،فالعقد يقصد به اتفاق الإرادتان بخلاف الوعد ، وقوله ( على بيع ) أي أنه يعتبر من أنواع البيع في الفقه الإسلامي، أما قوله ( في الذمة ) فمعناه أنه غير موجود في الحال.