الآثار المترتبة عن اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام:

يري بعض الباحثين أن التساؤل الأساسي لنظرية الاعتماد هو تفسير متى؟ ولماذا يعرض الأفراد أنفسهم لوسائل ؟ وتأثيرات هذا التعرض على معتقداتهم وسلوكهم، وإجابة ذلك يعد تفسيراً للطرق التي يستخدم بها الجمهور وسائل الإعلام لتحقيق أهدافهم الشخصية، حيث ينتج عن اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام مجموعة من التأثيرات يمكن تصنيفها على النحو التالي5[1] [1][1]:

التأثيرات المعرفية:

تتضمن عدة أثار هي:

الغموض:

يحدث الغموض نتيجة لتناقض المعلومات التي يتعرض لها الأفراد، أو نقص المعلومات أو عدم كفايتها لفهم معاني الأحداث أو تحديد التفسيرات الممكنة والصحيحة لهذه الأحداث، فالغموض يمكن أن يحدث لأن الناس يفتقرون إلى معلومات كافية لفهم معنى حدث، أو يفتقرون إلى المعلومات التي تحدد التفسير الصحيح من بين تفسيرات عديدة تقدمها وسائل الإعلام ، وتشير البحوث السابقة إلى أن نسبة الغموض تزداد حين تقع أحداث غير متوقعة مثل: كارثة طبيعة أو اغتيال زعيم سياسي، وحين تقدم وسائل الإعلام معلومات غير متكاملة أو معلومات متضاربة بشأن هذه الأحداث، في هذه الحالة يتولد الإحساس بالغموض لدى أعضاء الجمهور، وفي حالات عديدة تكون وسائل الإعلام هي المصدر الوحيد المتاح للحصول على المعلومات، ويحدث الغموض حين تكون هذه المعلومات غير مكتملة أو يكتنفها الغموض أو التضارب.

تشكيل الاتجاه:

تؤدي سائل الإعلام دوراً هاماً في تشكيل اتجاهات الأفراد نحو القضايا الجدلية المثارة في المجتمع مثل مشكلات البيئة، وأزمات الطاقة، والفساد السياسي، وتنظيم الأسرة، وتتشكل الاتجاهات الجديدة كلما اكتسب الأفراد المعلومات العامة من خلال وسائل الإعلام.

ترتيب الأولويات:

تقوم وسائل الأعلام بترتيب أولويات الجمهور تجاه القضايا البارزة دون غيرها ويقوم الجمهور بتصنيف اهتماماته نحو هذه القضايا ويركز على المعلومات التي يمكن توظيفها وفقاً لاختلافاته الفردية.

اتساع المعتقدات:

تساهم وسائل الإعلام في توسيع المعتقدات التي يدركها أفراد الجمهور، لأنهم يتعلمون عن أشخاص وأماكن وأشياء عديدة من وسائل الإعلام، ويتم تنظيم هذه المعتقدات في فئات تنتمي إلى الأسرة أو الدين أو السياسة بما يعكس الاهتمامات الرئيسية للأنشطة الاجتماعية.

القيم:

هي مجموعة المعتقدات التي يشترك فيها أفراد جماعة ما ويرغبون في ترويجها والحفاظ عليها مثل : الأمانة ،الحرية ،المساواة و التسامح حيث تقوم وسائل الإعلام بدور كبير في توضيح أهمية هذه القيم في المجتمع.

التأثيرات العاطفية ( الوجدانية ):

يقصد بها المشاعر والعواطف التي يكونها الإنسان تجاه ما يحيط به، ويظهر هذا التأثير عندما تقدم معلومات معينة من خلال وسائل الإعلام، تؤثر على مشاعر الأفراد و استجاباتهم في الاتجاه الذي تستهدفه الرسائل الإعلامية، ومن أمثلة هذه التأثيرات:

1-الفتور العاطفي: يرى الباحثون أن التعرض المكثف إلى موضوعات العنف في وسائل الإعلام يؤدي إلى الفتور العاطفي وعدم الرغبة في تقديم المساعدة للآخرين في أوقات العنف الحقيقي الذي يتصرف الفرد تجاهه كما لو كان عنفاً تلفزيونياً، وتشير بعض الدراسات إلى أن الاستثارة الناتجة عن مشاهدة أعمال العنف في وسائل الإعلام تتناقص تدريجياً بمرور الوقت وتؤدي في النهاية إلى الفتور العاطفي.

كما يقرر كثير من الباحثين بأن التليفزيون يساعد على انصراف عن الفرد تذكر الأحداث السلبية ، ويقصد بها تلك الأحداث التي يعتبرها مسئولة مثلاً عن فشله أو تشير إلى ظلم الناس لغيرهم، لأن تذكر هذه الأحداث تسبب له حالات مزاجية غير سارة.

2- الخوف والقلق: إن التعرض المستمر للرسائل أو الدراما التليفزيونية لأعمال العنف والكوارث يؤدي إلى إثارة الخوف والقلق لدى الأفراد من الوقوع ضحايا لأعمال العنف في الواقع.

ويري الباحثون أن اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام قد يؤدي إلى إثارة الخوف والتوتر بسبب ما تقدمه هذه الوسائل من أخبار عن انتشار وباء أو مرض معدي مثل وباء كورونا، إلا أنه قد يؤدي أيضاً إلى تقليل مشاعر الخوف والتوتر من انتشار هذا المرض في المنطقة الموجود بها من خلال المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام عن كيفية الوقاية من هذا المرض والقضاء عليه مستقبلاً.

3-الدعم المعنوي والاغتراب: تؤثر وسائل الإعلام على معنويات الأفراد بالسلب أو الإيجاب، فالمجتمعات التي تقوم وسائل الإعلام فيها بأدوار اتصال رئيسية ترفع الروح المعنوية لدي الأفراد نتيجة زيادة الشعور الجمعي والتوحيد والاندماج ، و خاصة إذا كانت وسائل الإعلام تعكس الفئات الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد، ويلاحظ أن اغتراب الفرد يزداد حين لا يجد معلومات من وسائل الإعلام تكون معبرة عن نفسه وثقافته وانتماءاته العرقية و الدينية و السياسية.

التأثيرات السلوكية:

تحدث التأثيرات في السلوك نتيجة لحدوث التأثيرات المعرفية والعاطفية، ومن أهم التأثيرات السلوكية مايلي:

1- التنشيط: يعني قيام الفرد بعمل ما نتيجة التعرض للوسيلة الإعلامية، وهو الناتج الأخير للتأثيرات المعرفية والعاطفية مثل اتخاذ مواقف سلوكية مؤيدة أو معارضة نتيجة التعرض المكثف لوسائل الإعلام ، وقد يتمثل التنشيط في اتخاذ مواقف مؤيدة للإقلاع عن التدخين أو التبرع المادي أو المعنوي لفئات معينة والتنشيط يكون مفيداً اجتماعياً في هذه الحالة، ولكن التنشيط الناتج عن التعرض لسوائل الإعلام قد يكون ضاراً اجتماعياً مثل التورط في أعمال ضد المجتمع كالعنف والجرائم.

2- الخمول: يعني عدم النشاط وتجنب القيام بالفعل، مما يؤدي إلى اللامبالاة والسلبية والامتناع عن المشاركة في المجتمع، ويحدث ذلك نتيجة التعرض لرسائل الإعلام المبالغ فيها، تدفع الفرد إلى عدم المشاركة نتيجة الملل.