3.بناء مباحث الدرس المقارن العربي واستثمارها على حقول معرفية جديدة.
4.المقارنة بين الجهود العربية بالمشرق والمغرب في الدرس المقارن من حيث التنظير والتطبيق.
وفد الأدب المقارن بمفهومه الجديد إلى العرب إلا بعد ازدياد اتصالهم بالغرب في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، واكتسى أهمية بالغة بمواصفاته الغربية وحقوله، وموضوعاته، ومناهجه التي تواضع عليها الغرب، بما يتناسب وواقعهم الاجتماعي والسياسي، والثقافي، ثم تبناها الباحثون العرب من بعد ذلك.
وطبيعي هذا الامتزاج والعطاء بين آداب الأمم التي لا تحرم عقول مبدعيها من الاطلاع على الجديد الذي يثري آدابها شريطة المراقبة من الذوبان في ظل الاقتباسات والاستعارات، فيغدو أدبها أدبا حيا ينم عن شخصية مبدعة ، ويجعل من نسغه نسغا منعشا لآداب الأمم الأخرى، فهو أدب حي يرحب بالجديد مقابل الأخذ بما يناسب مقوماته، مع ضرورة وجود جذور عميقة تضمن له هذه الحيوية
أخذ الدرس المقارن في الوطن العربي صورته العلمية الممنهجة والسليمة على يد محمد غنيمي هلال فور عودته من البعثة عام 1952، وذلك بتدريسه لطلاب كلية دار العلوم عن طريق برمجة هذه المادة ضمن برامج الجامعة مصدرا بعدها كتابه الرائد (الأدب المقارن سنة 1953) محددا فيه بدقة الأسس العلمية لنظرية الأدب المقارن، والتي تبلورت على يد المدرسة الفرنسية أين تتلمذ ناهلا من كبار أعلامها (جون ماري كاري، وغويارد، وبول ...)3 وغيره .
ولا يزال كتاب (الأدب المقارن) لمحمد غنيمي هلال أوفى مرجعا في هذا المجال، محاولا منه استنبات المفاهيم الغربية للأدب المقارن في بيئة عربية، إذ يشير إلى ذلك قائلا: «كتابنا هذا يجوز أن .نسميه المدخل لدراسات الأدب المقارن أو الأدب المقارن ومناهج البحث فيه؛ لأني لم أقصد فيه دراسة مسألة خاصة من مسائل الأدب المقارن بل أردت عرض موضوعه إجمالا
2.مرحلة الترويج(1960-1970)
جاءت جهود المرحلة ممثلة في أربع إسهامات؛ جسدتها مجلتان مختصتان في الأدب المقارن، ومؤلفان حملا اسم الأدب المقارن.
محمد محمدي/ جمال الدين بن الشيخ: مثّل كل من الشخصيتين كلمته محددا فيها مسعى مجلته وإصداراتها في مجال الأدب المقارن، فالمجلة الأولى صدرت في لبنان من سنة 1959 إلى 1967 بعنوان: "الدراسات الأدبية"، حيث كانت تصدر باللغة العربية واللغة الفارسية، يقدم "محمد محمدي" العدد الأول منها قائلا: «بما أن الأدبين الفارسي والعربي كان في عصور ازدهارها متفاعلين إلى أقصى حدود التفاعل، فلا جرم أن كان من الضروري الاهتمام بالدراسات المقارنة بين اللغتين وتوسيع نطاقها في كل منهما، وهذه ضرورة تمليها علينا طبيعة الدراسات الأدبية في العصر الحاضر» .
محمد عبد المنعم خفاجي/ حسن جاد حسن:بعد عشر سنوات من ولادة كتاب الأدب المقارن لمحمد غنيمي هلال سنة 1953، أصدر الجامعي "عبد المنعم خفاجي" كتابه ( دراسة في الأدب المقارن) متفائلا بعمله قائلا: ومنذ أكثر من عشر سنوات دعوت في كتابي مذاهب الأدب إلى الاهتمام بدراسة الأدب المقارن، بل جعلته ضروبا لدراسة الأدب المقارن وتاريخه، ودراسة النقد الأدبي في الوقت نفسه، ونقف اليوم على مشارف مستقبل جديد نمهد له، وندعو لتحمّل أعبائه الفكرية والأدبية راجين أن يجد الأدب المقارن، وأن يجد دراساته منا في مختلف معاهدنا وجامعاتنا كل تقدير واهتمام
3.عقد الرشد
نزعة الأبحاث العربية الإيرانية: حمل لواءها ثلاثة أعمال جامعية؛ أولها لمحمد عبد السلام كفافي (1971)، وثانيها لطه ندا (1975)، وثالثها لبديع محمد جمعة (1978)، حيث ركزت هذه النزعة على دعم الصلات التاريخية والحضارية، والبحث عن مجال فني بالتطبيقات المقارنة.
فبالنسبة لمحمد عبد السلام كفافي جمعت موضوعات كتابه (في الأدب المقارن - دراسات في نظرية الأدب والشعر القصصي) بين تخصصه وثقافته، يظهر ذلك في تصريحه قائلا: الأدب المقارن منحى جديد من مناحي الدراسة الأدبية ظهر في بعض جامعات الغرب إبان العصور الحديثة، وليس معنى ذلك أن هذا الفن جديد كل الجدة، فقديما قام الأدباء في مختلف الأقطار بألوان من الدراسات المقارنة حين دعت الحاجة إلى ذلك، لكن العصر الحديث هو الذي يرجع إليه الفضل في توسيع مناهج الدراسات الأدبية المقارنة ومحاولة تأصيلها6 .
نزعة الأبحاث العربية الغربية: نزعة غيرت من عنصري الثنائية، لتكتفي بالأساس وتضم إليه الغربية، نعم بنت هذه النزعة أبحاثها على الثنائية العربية الغربية، والتي حمل لواءها كل من "ريمون طحان" بكتابه (الأدب المقارن والأدب العام 1972)، الذي يلقي بظلاله على مصطلح الأدب المقارن والأدب العام وما يتعلق بهما في بيئتهما، معلنا قطيعة مع التراث العربي، وكأنه عقد علاقة الترجمة الأمينة مع الإنتاج الأوروبي، وجاء ذلك في قوله :إذا رحنا نبحث في تاريخ الآداب الأوروبية سوف نجد ظواهر تعود دراستها اليوم إلى الأدب المقارن...7 .
-واقع الأدب المقارن في المغرب
لقي الأدب المقارن اهتماما كبيرا في جامعات المغرب العربي نظير الاهتمام به في جامعات المشرق العربي، حيث اعتمد مقررا جامعيا بها على غرار الجزائر، والمغرب الأقصى، وتونس، وقبل أن نشير إلى مجال التأليف في المغرب العربي يجدر بنا أن نشير إلى بعض الحقائق التاريخية التي تثبت استقبال جامعاتها لهذا التخصص، وحري بنا أن نضرب كمثال لهذه الحقائق اعتماده كمقياس بقسم اللغة والأدب العربي بالجامعة الجزائرية، وذلك سنة 1968، لطلبة السنة الثالثة ليسانس .
أما بالمغرب الأقصى فكان "أمجد الطرابلسي" السوري الجنسية يتفرد بتدريس هذا المقياس، وكذلك مقياس النقد الأدبي، محاولا توجيه النقد الأدبي وجهة النقد المقارن جامعا بين التنظير والتطبيق .
ومع كثرة احتفاء الجامعات المغربية بتدريس هذا التخصص الذي عرف انتعاشا جديدا، وبسط مساحة واسعة لنفسه في حدود سنة 1990 ركز "معهد الدراسات الإفريقية" على الموروث الإفريقي والمغربي المشترك، وعمد على دراسة لغات ولهجات إفريقيا السوداء، وإنشاء مركز الدراسات في الأدب المقارن والتعليمية(Centre d'études et literatures Compares et de didactiques Groupe d'études) من قبل فريق الدراسات المغاربية، وشارك في تكوين بعض الباحثين أمثال "عبد الله حاموني"؛ الذي ابتغى الابتعاد عن النموذج الأكاديمي الفرنسي السائد بحكم تكوين الأساتذة على يد أساتذة من المشرق العربي .
لقي الأدب المقارن اهتماما كبيرا في جامعات المغرب العربي نظير الاهتمام به في جامعات المشرق العربي، حيث اعتمد مقررا جامعيا بها على غرار الجزائر، والمغرب الأقصى، وتونس، وقبل أن نشير إلى مجال التأليف في المغرب العربي يجدر بنا أن نشير إلى بعض الحقائق التاريخية التي تثبت استقبال جامعاتها لهذا التخصص، وحري بنا أن نضرب كمثال لهذه الحقائق اعتماده كمقياس بقسم اللغة والأدب العربي بالجامعة الجزائرية، وذلك سنة 1968، لطلبة السنة الثالثة ليسانس .
أما بالمغرب الأقصى فكان "أمجد الطرابلسي" السوري الجنسية يتفرد بتدريس هذا المقياس، وكذلك مقياس النقد الأدبي، محاولا توجيه النقد الأدبي وجهة النقد المقارن جامعا بين التنظير والتطبيق .
ومع كثرة احتفاء الجامعات المغربية بتدريس هذا التخصص الذي عرف انتعاشا جديدا، وبسط مساحة واسعة لنفسه في حدود سنة 1990 ركز "معهد الدراسات الإفريقية" على الموروث الإفريقي والمغربي المشترك، وعمد على دراسة لغات ولهجات إفريقيا السوداء، وإنشاء مركز الدراسات في الأدب المقارن والتعليمية(Centre d'études et literatures Compares et de didactiques Groupe d'études) من قبل فريق الدراسات المغاربية، وشارك في تكوين بعض الباحثين أمثال "عبد الله حاموني"؛ الذي ابتغى الابتعاد عن النموذج الأكاديمي الفرنسي السائد بحكم تكوين الأساتذة على يد أساتذة من المشرق العربي .
-: نماذج من جهود المقارنين بالجزائر
لقد رأينا فيما سبق إسهامات جمال الدين بن الشيخ في مجلة" دفاتر جزائرية في الأدب المقارن، إضافة إلى كونه أستاذا لمقياس الأدب العربي في القرون الوسطى، كما أنه درّس مقياس الأدب المقارن بجامعة السربون، ويضاف إلى قائمته"سعد الدين بن شنب" (1967-1968)؛ المقارن والناقد الذي أثرى الأدب العربي بدراساته في علم اللغة والنقد، والفولكلور الجزائري، والأدب المقارن، حيث اهتم في أبحاثه المقارنة بإظهار التأثير الحاصل بين الأدبين الأوروبي والأمريكي على الشعر والمسرح العربي المعاصر، وكان أول مقارن جزائري قارب بين المويلحي و"إدموند أبوت" (Edmond About)، كما أنه بحث في أصول المصادر العربية لـ"سرفنتس" (Cervantes) .
وللتميز حضور في جهود المقارنين الجزائريين؛ نحو "أبي العيد دودو" الذي كرّس حياته وقلمه لخدمة الأدب والترجمة، من مشاركته في الحوار الحضاري والثقافي العربي، وذلك من إنتاج ثقافة نوعية وليدة نقاش معاصر بالوطن العربي، ووفق اتجاه سوسيولوجي متأثر بـ"تسيما"؛ أستاذ الأدب المقارن بمعهد الأدب العام والمقارن سنة 1984، يعبر "أبو العيد دودو" عن هذا المؤلف في اتجاهه الجديد قائلا: «أراد أن يقدم للقارئ صورة واضحة عن الأدب المقارن، ويقدم له في الوقت نفسه الأسس المنهجية والنظرية، وحاول فوق ذلك لأن يعيد صياغة بنية الأدب المقارن انطلاقا من النصوص الاجتماعية ويصف ميادينه من مقارنة تكوينية، ومقارنة نمطية، ومقارنة احتفائية، أو متصلة بالتلقي ثم تحث عن الترجمة الأدبية والتقسيمات المرحلية، وتاريخ الأجناس الأدبية على أساس ما وصلت إليه الدراسات المقارنة في هذا الميدان» .
ومن المسائل التي تؤسس نظرية الأدب المقارن عنده هي:
الأدب المقارن وعلم الجمال ، والأدب المقارن والأدب العام فاصلا بين المصطلحين .
الأدب المقارن والعلوم الاجتماعية(حوار الأدب المقارن مع العلوم الإسلامية .
الأدب المقارن وعلم اللغة القومي .
الدراسة المقارنة للتلقي .
الترجمة الأدبية التي تعد إتباعا وتناصا، وتحديد نظريات الترجمة التي تنحصر في النظرة الجمالية النقدية .