منهج القرآن في إثبات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم

سادسا: منهج القرآن في إثبات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

كان منهج القرآن في إثبات نبوة الرسل قائما على مسلك التحدي بالمعجزة:

- وفي خصوص النبي صلى الله عليه وسلم كان التحدي قائما بمعجزة القرآن، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: 38] وقال سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [هود: 13] وقال أيضا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].

- وكانت معجزة موسى عليه السلام حسية من جنس ما يعهد قومه، وفي قصة موسى في القرآن مع فرعون وسحرته، قال تعالى:{قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ } [الشعراء: 29 - 33]

- وفي معجزات عيسى مع قومه، قال الله تعالى: { وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 49]

والمعجزة هي أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة مع توفر الداعي لها، غايتها: قطع عذر المبلَّغ، لئلا تكون له حجة على الله يوم القيامة.

وجه دلالة المعجزة على صدق الرسول: أن الله تعالى أيد رسوله بمعجزات وهي أمور خارقة للعادة، وتحدى النبي قومه بها وبأن يأتوا بمثلها، ورغم كونها من جنس ما برعوا فيه لكنهم لم يستطيعوا الإتيان بمثلها رغم طول التحدي وتوفر الداعي؛ فدل عجزهم على أنها ليست من عند بشر، فعند ذلك يوجههم الرسول إلى أن مصدرها من عند الله تعالى، وأن الرسول صادق في دعواه بالنبوة، أما معجزة القرآن فهي برهان مباشر على ما تتضمنه من إثبات لوجود الله تعالى وصفاته ونبوة الرسول ..، ولذلك فالمعجزة تُنزل منزلة التصديق بالقول.