علم الجمال لدى مدرسة فرانكفورت

ينصب اهتمامنا في هذه المحاضرة على دور الفن ومكانته في المجتمعات المعاصرة، من منظور أحد أقطاب الجيل الأول  للنظرية النقدية، في مرحلتها الأولى وذلك لاهتمام هذا الجيل بموضوع الفن والجمالية، فهذا الموضوع قد مثل لهذا الجيل البعد الوحيد الذي يمكن أن يقاوم السيطرة التي ترسخت وتعمقت في المجتمعات الغربية المعاصرة، في سياق التطور الاجتماعي الذي عرفته هذه المجتمعات.

في الحقيقة لا يمكن التطرق إلى دور الفن عند أصحاب النظرية النقدية، دون التطرق إلى وضع الإنسان في المجتمعات الغربية المعاصرة، أو فيما يسمى بالمجتمعات المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا، التي تأسست على المشروع التنويري الذي قام كما يقول هوركهايمر وأدورنو في كتابهما المشترك “جدل التنوير ” على تحرير الإنسان من التعصب والخوف، وكذلك من السلطة المطلقة وتحرير العالم من سحره القديم لصالح المعرفة. هذا المشروع الذي ما فتئ أن تحول إلى فكرة للسيطرة والهيمنة على الطبيعة والإنسان معا. حيث ارتبط بمفهوم القوة وأصبحت غايته الأساسية تحقيق السيطرة، وهذا ما عبر عنه الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون بقوله “إن المعرفة قوة”، وهو موقف ينظر إلى الطبيعة باعتبارها مجال للتحكم من خلال التوظيف التقني والعلمي، ومنه  “لم تعد الطبيعة ذلكم الديكور الجميل الذي يدخل البهجة على النفوس بغض النظر عن فائدته، بل أصبحت علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة نفعية استخدامية، وسائلية، وأداتية، حولت كل جمالات الطبيعة إلى أشياء قابلة إلى الاستخدام والانتفاع”.

هذه السيطرة التي مارستها المعرفة، على الطبيعة، لم يسلم منها الإنسان في حد ذاته، حيت تم تعميم هذا النموذج الأداتي عليه أيضا ليصير موضوعا للسيطرة، باعتباره جزءا من الطبيعة أو ظاهرة من ظواهرها، يخضع بدوره للتقنين والتنظيم والتوجيه. جعلت منه هذه المعرفة أداة بدل أن  تحرره.

Theodor W. Adorno

Liste des discussions. Affichage de 1 sur 1 discussions
Statut Discussion lancée par Dernier message Réponses Actions
Avatar riyadh benchaib
riyadh benchaib
Avatar riyadh benchaib
riyadh benchaib
0