4.مدخل الاتجاهات الحديثة في القيادة(منظور تكاملي).
يشير(باصBass1985)أن للقيادة أسلوبين متميزين هما القيادة التبادلية والقيادة التحويلية، ويمكن للقائد أن يكون إجرائيا(تبادليا)أو تحويليا أو كلا الأمرين.(الخشالي والتميمي195:2008).
4-1 أسلوب القيادة التبادلية:
أ-مفهوم القيادة التبادلية:
يشير(عياصرة2006)أن القيادة التبادلية هي القيادة التقليدية التي يرتبط فيها أداء المرؤوسين بحجم الحافز المقدم لهم.( عياصرة77:2006).
يرى(الخشالي والتميمي2008)أن القيادة التبادلية هي أحد أساليب القيادة المتبعة من القادة الذين يوجهون تابعيهم لتبني أهداف المنظمة والعمل على تحقيقها،بوسائل تحفيز محدودة كالمكافئة المشروطة،وهي المكافأة التي تمنح للمرؤوسين مقابل جهودهم المبذولة والمعترف بها من القيادة. (الخشالي والتميمي195:2008).
يؤكد(الصرايرة2012)أن القيادة التبادلية هي علاقة قائمة على المنفعة المادية المؤقتة وغير الملزمة،تحدث بهدف تبادل المنفعة ضمن إطار موقف معين.و يضيف أن القيادة التبادلية تستند إلى السلطة والبيروقراطية القائمة على السلطة الشرعية داخل المنظمة،واحترام القوانين والأنظمة،وتؤكد على معايير العمل والمهام،والاعتماد بشكل كبير على نظام المكافآت والثواب والعقاب بقصد التأثير في أداء المرؤوسين.(الصرايرة1102:2012).
يشير(الضمور وآخرون2010)أن القادة التبادليين يميلون إلى التركيز على إكمال المهمة والتزام العاملين بها،حيث يعتمد هؤلاء القادة بشكل تام وبقوة على تطبيق معايير التحفيز من خلال المكافآت والعقوبات التنظيمية للتأثير في أداء العاملين.(الضمور وآخرون525:2010).
ب- أبعاد أسلوب القيادة التبادلية:
تعتمد القيادة التبادلية على ممارسة السلوك التالي:
- المكافأة المشروطة:تشير إلى عملية المبادلة بين القادة والعاملين،ويتم فيها مبادلة مجهوداتهم مقابل مكافآت معينة،وتحدث المكافآت المشروطة عندما يقوم القائد بمكافأة المرؤوس أو معاقبته بناءا على كفاءة أدائه،أو ضعف هذا الأداء.فالمرؤوسون يقبلون وعود القائد بالمكافآت أو تجنب العقاب، مقابل قيامهم بتنفيذ المهام المطلوبة منهم بالمكافأة المطلوبة.(الضمور وآخرون525:2010).
- الإدارة بالاستثناء:يقصد بها القيادة التي تعني بالنقد التصحيحي والتركيز على الأخطاء والنتائج السلبية من خلال التغذية الراجعة،والتدخل إذا لم يقم العامل بتحقيق الأداء المطلوب،بغرض التصدي لها وحلّها.
تأخذ الإدارة بالاستثناء شكلين:نشطة active وساكنة passive.فالإدارة بالاستثناء النشطة التي يشرف فيها القائد على نشاطات العاملين إشرافا إيجابيا تفاديا لوقوع الأخطاء أو الانحرافات عن الأداء.والإدارة بالاستثناء الساكنة التي يظل فيها القائد بعيدا عن التدخل،حيث تظهر مشكلات في الأداء تحتاج إلى إجراءات تصحيحية يقوم باتخاذها بعد أن يوجه اللوم والنقد للعاملين،ويوقع الجزاء والعقوبة نتيجة تقصير والمخالفة.(الضمور وآخرون526:2010).
4-2 أسلوب القيادة التحويلية.
أ- مفهوم القيادة التحويلية:تعد القيادة التحويلية من أهم وأحدث نظريات القيادة،وجاءت لتجمع بين مميزات نظريات القيادة وتتلافى ما كان فيها من قصور.اعتمدت نظرية القيادة التحويلية على دمج أفكار من نظريات السمات والسلوك والموقف.
ظهر مفهوم القيادة التحويلية في أواخر السبعينيات من القرن الماضي على يد(بيرنس1978 Burns)في كتابه القيادة leadership.يعرف(بيرنس1978)القيادة التحويلية بأنها نمط من القيادة يسعى القائد من خلاله إلى الوصول إلى الدوافع الكامنة والظاهرة لدى الأفراد التابعين له،ثم يعمل على إشباع حاجاتهم،و استثمار أقصى طاقاتهم،بهدف تحقيق تغيير مقصود.(الحبابي95:2014).
يرى(بيرنس1978)أن القيادة التحويلية هي نمط من القيادة التي تحدث عندما ينخرط أو يشارك شخص أو مجموعة أشخاص مع بعضهم بعضا في أسلوب يدفع فيه القادة والتابعون بعضهم بعضا إلى مستويات أعلى من الدافعية والسلوك الأخلاقي.(الضمور وآخرون526:2010).
يشير(باص1985)أن القيادة التحويلية تسعى إلى النهوض بشعور المرؤوسين،وذلك من خلال الاحتكام إلى أفكار وقيم أخلاقية مثل الحرية والعدالة والمساواة،فسلوك القيادة التحويلية يبدأ من القيم والمعتقدات الشخصية للقائد وليس على تبادل المصالح مع المرؤوسين.( الحبابي97:2014).
يؤكد(باص1985)أن القيادة التحويلية تعمل على توسيع اهتمامات العاملين وتنشيطها،وتعميق مستوى إدراك هؤلاء العاملين للنظر إلى ما هو أبعد من اهتماماتهم الذاتية،من أجل تحقيق الأهداف العامة للمنظمة.(الضمور وآخرون526:2010).
يضيف(باص1985)أن القيادة التحويلية هي نوع من أنواع القيادة التي تعطي نتائج في الأداء تفوق التوقعات،ويكون ذلك من خلال توسيع اهتمامات المرؤوسين وتنشيطها،وتعميق مستوى إدراكهم للنظر إلى ما هو أبعد من اهتماماتهم الذاتية من أجل الصالح العام للمنظمة.(صرايرة 1102:2012).
يعرف(عبد المقصود2006)القيادة التحويلية بأنها نمط قيادي لديه رؤية واضحة عن المستقبل وأهداف محددة وواضحة يشجع المرؤوسين على المشاركة في بلورة رؤية طويلة الأجل،وتحديد أهداف واضحة واقعية للمؤسسة،ويسعى إلى إحداث التغيير والتطور والتنمية الإدارية باستمرار.(عبد المقصود 20:2006).
يعرف(السعود2012)القيادة التحويلية بأنها نمط قيادي قائم على قدرة القائد على توفير جو من الود والقبول والدافعية بين المرؤوسين في المؤسسة تجاه عملهم،و تجاه المؤسسة التي يعملون فيها،والالتزام بأهدافها التنظيمية،والسعي إلى تطويرها من خلال الإيمان المشترك والقناعة التامة بمصلحة العمل.(السعود204:2012).
يلاحظ(بيرنس1978)أن القيادة التحويلية هي عملية دفع المرؤوسين وتنشيطهم نحو تحقيق الأهداف من خلال تعزيز القيم العليا والقيم الأخلاقية والوصول بهم إلى مرتبة القادة. (عياصرة2012: 1101-1102).
يلاحظ(بيرنس1978)أن القائد التحويلي يدرك الحاجات الكامنة لدى العاملين معه،ويعمل على استثارتها ويسعى إلى إشباع الحاجات العليا لديهم،وبدلك يتم تحويل المرؤوسين إلى قادة،ويصبح دور القادة وسطاء أخلاقيين،ووكلاء للتغيير.(صرايرة 1102:2012).
يعتقد(الخشالي والتميمي2008)أن القائد الذي يتبنى هذا النوع من القيادة يكون له تأثير جوهري وكبير على مرءوسيه،ويسعى باستمرار إلى استثارتهم للحصول على الأفكار الجديدة لحل المشاكل وتطوير العمل.كما يعمل القائد التحويلي على إيجاد مناخ من الثقة والاحترام في علاقته مع مرؤوسيه لتشجيعهم على تحويل قيمهم الشخصية لدعم أهداف المنظمة ورؤيتها.(الخشالي والتميمي 196:2008).
شهدت القيادة التحويلية تطورا ملحوظا من خلال إسهامات(باصBass1985)عندما وضع نظرية للقيادة التحويلية،ووضع لها استبيان لقياس عوامل السلوك القيادي،وهو ما يعرف باستبيان القيادة متعدد العوامل Multifactor leadership questionnaire (M.L.Q)الذي تضمن عناصر للقيادة التحويلية هي الكاريزما،والتحفيز الفكري،والاهتمام الفردي،والدافعية الإلهامية.
قدم كل من(باص وأفوليو1993Bass -Avolio)نموذجا أكثر حداثة للقيادة التحويلية والإجرائية أو التبادلية،يتضمن ثمانية عناصر أربعة منها تحدد القيادة الإجرائية،والأربعة الأخرى تحدد القيادة التحويلية.
ب-أبعاد القيادة التحويلية:
تعتمد القيادة التحويلية على ممارسة السلوك التالي:
- التأثير المثالي:
يؤكد(أفيليو2003)أن القادة وفقا لهذه الخاصية(التأثير المثالي)يسلكون طريقة تجعل منهم نموذجا يحاكيه الآخرون مع مرور الوقت،فيصبحون أهلا للإعجاب والاحترام والثقة،ومن الأشياء التي يفعلها القادة حتى يتصفوا بالمثالية أن يأخذوا في اعتباراتهم حاجات الآخرين،وإيثارها عل حاجاتهم الفردية،وأن يكونوا على استعداد للتضحية بالمكاسب الشخصية لصالح الآخرين.(أفيليو73:2003).
يلاحظ(الصرايرة2012)أن في التأثير المثالي يسلك القادة التحويليين سلوكا يعتبرون فيه قدوة وأنموذجا يحتدون به،ويحاكيه المرؤوسين،فيحظى القائد التحويلي بإعجاب،وثقة التابعين الذين يسعون لمحاكاة قادتهم والتطابق معهم عاطفيا،ويتطلب ذلك من القادة التحويليين الأخذ بالاعتبار حاجات التابعين ورغباتهم،وأن يكونوا على أتم الاستعداد لتقديم التضحية بالمكاسب الذاتية لصالح الآخرين والمنظمة.(الصرايرة1103:2012).
يؤكد(الطويل2006)أن القادة التحويليين يمارسون سلوكيات تجعل منهم مثلا تحتدى ونماذج وقدوة للعاملين معهم،وهم أيضا حريصون على كسب ثقة العاملين عبر تقديم الاهتمام بحاجات الآخرين على حاجاتهم الشخصية.والقائد التحويلي يشارك العاملين معه في كل أمورهم المؤسسية ويحرص على أن يكون سلوكه معهم بعيدا عن التسلط والاستبدادية،وهو معني بعمل الصحيح والأصوب،ويعيش معايير أخلاقية رفيعة يتمثلها في سلوكه،مبتعدا عن استخدام سلطته لمكاسب ومصالح شخصية،موظفا سلطته لكل ما فيه الخير العام والمصلحة العامة.(الطويل206:2006).
- الدافعية الإلهامية:
يعرف(نورث هاوس2006)الدافعية الإلهامية بأنها قدرة القائد على إيصال توقعاته العالية إلى الآخرين،واستخدام الرموز لتركيز الجهود والتعبير عن الأهداف المهمّة بطرق بسيطة،أي إنجاز أشياء كثيرة عن طريق زيادة الجهد المبذول.(نورث هاوس193:2006).
يؤكد(الصرايرة2012)أن الدافعية الإلهامية تركز على سلوكيات القائد التي تعمل على تحفيز وإلهام التابعين من خلال جعل أعمالهم ذات معنى وقيمة،ويحدث ذلك عندما يتصرف القائد التحويلي بطرق تشجع وتُثير في التابعين حبّ التحدي والحماس والتفاؤل،وإتاحة الفرص لهم في المشاركة في تحقيق الأهداف.(الصرايرة1103:2012).
يلاحظ(الطويل2006)أن القادة التحويليين يمارسون سبلا تشجع وتلهم من حولهم من العاملين معهم،وهم معنيون بإثارة دافعية العاملين معهم وديمومة تحدي هذه الدافعية بهدف تحقيق بعد الاستغراقية في العمل،وتعميق روح الفريق بينهم.(الطويل206:2006).
- التحفيز الفكري:
يعرف(نورث هاوس2006)التحفيز الفكري بأنه قدرة القائد ورغبته في جعل أتباعه يتصدون للمشكلات القديمة بطريقة جديدة،وتعليمهم النظر إلى الصعوبات بوصفها مشكلات تحتاج إلى حل،والبحث عن حلول منطقية لها.(نورث هاوس193:2006).
يشير(رشيد2004)أن القادة التحويليين يحفزون أتباعهم على المبادرة والابتكار والإبداع من خلال تشجيعهم على مساءلة المسلمات في العمل،وتحفيز التغيير في أسلوب التفكير بالمشكلات القائمة،وتناولها بطرق جديدة، والنظر إليها من زوايا عديدة.(رشيد476:2004).
يؤكد(أفيليو2003)أن القادة وفقا لهذه الخاصية(التحفيز الفكري)يتصرفون بطريقة تجعلهم يحركون جهود أتباعهم لكي يكونوا مجددين ومبتكرين،وذلك بزيادة وعي التابعين بحجم التحديات وتشجيعهم على تبني وخلق مداخل وطرق جديدة لحل المشاكل،وتناول المواقف القديمة بطرق ووجهات نظر جديدة،ووفقا لهذه الخاصية،فإن القادة التحويليين يتجنبون النقد العام لأي عضو في المجموعة في حالة حدوث خطأ،ويستحثون الأعضاء على تقديم أفكار جديدة وتجريب مناهج جديدة ولا يعرضون أفكارهم للنقد أبدا.(أفيليو74:2003).
- الاعتبار الفردي:
يرى(أفيليو2003)أن الاعتبار الفردي يعني اهتمام القائد الشخصي بمرؤوسيه واستجابة لهم،وتوزيع المهام عليهم على أساس حاجاتهم وقدراتهم،والعمل على تدريبهم وإرشادهم لتحقيق مزيد من النمو والتطور.(أفيليو90:2003).
يؤكد(أفيليو2003)أن القائد التحويلي وفقا لهذه الخاصية(الاعتبار الفردي)يعطي اهتمام خاصا بحاجات كل فرد لتطويره والارتقاء بمستوى أدائه ونموه، فيعمل كمدرب وناصح وصديق وموجه،ويهتم بالنواحي الشخصية لكل منهم،وخلق فرص جديدة لتعليمهم مع الأخذ في الاعتبار الفروق الفردية فيما بينهم بالنسبة لحاجاتهم ورغباتهم،والنظر إليهم كأشخاص كاملين بدلا من النظر إليهم كونهم مرؤوسين أو عمالا.(أفيليو76:2003).
يشير(رشيد2004)ينبغي للقائد أن يلاحظ رغبات أتباعه،وحاجاتهم،ويحللها ويتنبأ بها،دون أن يشعرهم أنهم موضع الملاحظة،وبالتالي يوكل المهمّات إليهم وفقا لخصائصهم و استعداداتهم الشخصية،علاوة على أنه يضطلع بدور الموجّه والمعلّم لهم.يقوم القائد بتدريب وإرشاد المرؤوسين ويحفّزهم التفويض على التعلم، كما يراعي القائد مشاعر العمّال،ويراعي الفروق الفردية بينهم،ويتعامل مع كل واحد منهم بطريقة مختلفة.(رشيد476:2004).
يضيف(الصرايرة2012)يتضمن الاعتبار الفردي مجموعة السلوكات التي يستطيع القائد التحويلي من خلال الاهتمام الشخصي بالتابعين،والتعرف إلى حاجاتهم ورغباتهم،وإدراك الفروق الفردية بينهم لتطويرهم والارتقاء بمستوى أدائهم، إذ يتعامل القائد التحويلي مع المرؤوسين كإنسان وليس كموظف، فهو يعمل كناصح وموجه ومدرب لهم، ويرشدهم لتحقيق المزيد من النمو والتطور. (الصرايرة1103:2012).