الدرس رقم 3

                               الألكستيميا Alexithymie

  تدرس الألكستيميا حاليا في ميادين نظرية مختلفة في التحليل النفسي تبعا لCorsos et al, 63 :2003 وفي علم الأعصاب البيولوجي تبعا لـ 541 :2003Larsen et al, وتعرف الألكستيميا بصورة عادية عن طريق الأبعاد التالية:

1. صعوبة التحديد والتفريق بين الانفعالات.

2. صعوبة التعبير الشفوي لانفعالات الآخر.

3. قصور على مستوى الحياة التصورية.

4. طريقة تفكير تميل إلى الانشغالات الحسيّة التفكير العملي.

هو مصطلح يتقارب مع مفهوم التفكير العملي بزعامة رائدهاPierre Marty  1963  للمدرسة الباريسية أما الألكستيميا فهو مصطلح يرجع إلى المدرسة الأمريكية بزعامة Nemiah et Sifneos, 1970. الألكستيميا هو مصطلح يوناني يتركب من "كلمة" و"مزاج" يعبّر عن الصعوبات في التعبير الشفوي الملاحظ عاديا لدى المرضى الذين يظهرون الأعراض السيكوسوماتية. حسب ملاحظاتNemiah, Sifneos ,1970 :126 فالمرضى السيكوسوماتية لديهم صعوبات مشتركة تتمثل في صعوبة وصف الأحاسيس كذلك لديهم غياب أم تدني في الحياة الاستهامية وفي إظهار الفكر العملي، ومن هذه التعاريف تظهر العناصر الوصفية التي يمكن مناقشتها كالآتي: شخصية حزينة، كئيبة، شاحبة، خاضعة اجتماعيا، غير قادرة على الإحساس. وقد صنّف المحلّل النفسانيJean   Bergeret محاولا تحديد الطباع السيكوسوماتية ويكون دائما مرتبط بالسلوك الألكستيميا بصفة ضعف في وظيفة التفكير هو أسلوب للتعبير يستعمل بالضرورة الجسد. أما Joyce et Dougall ان الألكستيميا هو ميكانزم دفاعي للأنا ينتج عنه نبد للعواطف، وقد يسهّل هذا الميكانزم التكيف أحيانا عند الأشخاص الذين عايشوا تجارب قاسية. أمّا بالنسبة لدراسة قدمت من طرفFormi et al, 2011  يصف الألكستيميا لمرضى شخصوا بالمصابين بالسرطان من خلال المناهج السوسيو ديمغرافية، الطبية والسيكو متري Hads, Scl90, Eortc- QlQ, etTas-  سجلوا عند المرضى بالسرطان، فكانت النتيجة بنسبة %70 من 491 مريض تمت عليهم الدراسة. قد صنّفت نتائج تشخيص الألكستيميا بملاحظة ارتباط سلبي مع الأعراض العقلية التي لا تتجاوز حدود الحصر والانهيار المقاس بقياس HADS، وسجّل ارتباط إيجابي بنوعية الحياة، خلاصة القول ان النسبة العالية الألكستيميا اعتبرت بمثابة حماية وأثارت مسألة الضرورة ونوعية التدخل المحتمل لعلم النفس الأورام. دراسة أخرى قام بها عدد مهم من الباحثينAmani et al, 2006 أجريت حول الألكستيميا مرتبطة بنشأة السرطان، فتقول هذه الدراسة أنّ النتائج الخاصة الألكستيميا غير متلائمة، وهناك ارتباك قوي بوجود نقص كبير فيما يخص الدراسات النظريّة، وقد وضع الباحث Todarello وآخرين اختبار الشخصية، علي عينة 200 امرأة قامت من قبل بالأشعة على الثدي فالمقارنة بين 13 مريضة شخّصت بالسرطان وباقي المريضات الغير مصابات، فالمجموعة الأولى أظهرت سمات الألكستيميا بكلّ وضوح. ونفس الباحث قام بدراستين 1954-1997 وكانت النتائج تقول انّ نسبة الألكستيميا عند النساء المصابات بسرطان الدماغ مقارنة بالنساء الغير مصابات تبقى مرتفعة جدا. إضافة إلى الدراسات النفسية التي قام بها مجموعة من الباحثين مختصين في علم النفس العيادي وعلم الأورام النفسي هناك دراسة مسّت الوظيفة العصبية المخية بحيث أنّ Nemiah JC , 1977  اعتبر بأن الألكستيميا هي إشارة لعدم توظيف متتالي، هو انتقال متدهور للمعلومات من الجهاز اللمبي إلى الجهاز الفصي الخارجي، وهذا ما يجري أثناء العمليات الذهنية التي تساعد بالخصوص على الترميز والتمثيل الذهني للوضعية. قد يؤدي هذا اللاتوظيف إلى تغيير التركيبة المستقلة للاستجابات الانفعالية كذلك حسب Ledoux et al, 2000  يوجد طرفين مخيين تؤدي إلى الإجابة الانفعالية، الأولى عبر التلامس (Thalamus)  وهي مباشرة وغير واعية وتحرر إجابات سريعة للجهاز المستقل وللجهاز الغدي، والثانية عن طريق التلاموس والجهاز القشري الخارجي وغير مباشر نوعا ما، يمس الميكانزمات المعرفية المعقدة كالجهاز الخاص التمثلات والذاكرة. فالتجارب الانفعالية الواعية تنمو من خلال الإدماج داخل الذاكرة ومن عملية التقييم للمثيرات الآتية من الطريقين. إذن الألكستيميا هي أساس اضطراب تنقل المعلومات داخل الطريق الذهني. فيما يخص الأشخاص الألكستيميا فانLane et al, 1998 : 525-53 آثار نظرية مضمونها أنّ الأحداث المتداخلة تثير إجابة انفعالية مرتبطة بالوعي الانفعالي المحدود، هذا يعني أن هؤلاء الأشخاص حين يكونوا في وضعية تنشيط انفعالي تكون لديهم مظاهر مستقلة سلوكية للاستجابة الانفعالية، لكن بسبب نقص الوعي الانفعالي لديهم يقرّون بعدم الإحساس أي البرودة العاطفية، كذلك فالأشخاص المسنين لديهم انفعالات لكن لا يعترفون بها، يعملوا علي إعدادها وإيصالها وتعديلها، قد يغلب عليهم الاستجابات الفيزيولوجية على حساب الاستجابات الذهنية. أمّا النظرية التحليلية لمفهوم الألكستيميا وعلاقتها بالشخصية، لقد أثرى مفهوم الألكستيميا المناقشة فيما يخص علاقتها بسمات الشخصية المنضبطة أم حالة ثانوية مؤقتة تظهر عند الفرد في وضعية خطر. وقد كان Frey berger H , 1977  هو الأول الذي اقترح مناقشة الألكستيميا الأوليّة الألكستيميا الثانوية، فالأولى تعتبر عامل استعداد لظهور الاضطرابات السيكوسوماتية بينما الثانية هي عامل واق ضروري يقف عكس مفهوم المرض ثابت بعمق في عملية الاقتصاد المعرفي للفرد ويكون بمثابة الوظيفة القاعديّة أمّا الثانوية فهي مرتبطة بحادث مصدوم معروف باستعمال الميكانزمات الدفاعية خاصة النفي الذي يحمي المريض من واقع صعب. وتعتبر الألكستيميا الثانوية حسبKristal et al, 1988 حالة إستراتيجية قريبة من إستراتيجية التكيف تساعد على تسيير القلق الذي يأتي من وضعية ضاغطة. لكن أمام الصعوبات، علينا أن نميز بين الألكستيميا الأولية والثانوية وهنا تأتي فكرة (Taylor : 1997) الذي جاء ليقترح الألكستيميا كسمة للشخصية المنضبطة تسمى "الألكستيميا سمة"، إذا كانت هذه الأخيرة سمة ثانوية للشخصية في هذه الحالة اقترح الباحثان في (Costa et Mc Crae,  1987) أن يضعا الألكستيميا مع الأبعاد الكلاسيكية للشخصية حيث أنّ الأبحاث الأولى أظهرت أنّ الألكستيميا هي سمة للشخصية المركّبة تكوّن عناصر العصابية والانبساطية والانفتاح، فهي مرتبطة بالميول للإحساس المعمّق للضيق الانفعالي، وبالقدرة الناقصة للإحساس بالانفعالات الإيجابية، إقبال ضعيف للحياة الانفعالية وهذا ما يقترب بفكرة Thomas C.B, 1974 قائلا بأنّ الأشخاص الذين لديهم استجابة ضعيفة، ومزاج موحّد يعانون بصمت وبوحدة كبيرة داخلية، لديهم نسبة 16 مرة أكثر للإصابة بالسرطان، أمّا الأشخاص الذين لديهم اختلاف في المزاج وحصر يساعدهم ذلك علي التعبير عن الانفعالات.

  إذن تعتبر أهمية مصطلح "الألكستيميا" ومصطلح "التفكير العملي" أمر مؤكد لدرجة اعتبارها قوة جديدة بعد التشخيص في ميدان طب السيكوسوماتية التي ترتكز على الصراع النفسي أم تدمجه وقد أشارBaldoni F et al ,  2005  مشيرا مؤخرا بأنّ الألكستيميا قد أدمجت في وسط المقاييس الشخصية في ميدان البحث السيكوسوماتي.

Rafanelli, Fava et coll, 1995)) يعتبرونه نظام تشخيصي يضاف للنظام التقليدي الأخرى DSMI، L ICD-10 يساعد على وصف دقيق وكامل للمرضى الذين تم اختيارهم في البحث وهذا ما حاولنا ضبطه فيما يلي حسب الباحث Fava et Rafanelli (1995) في الجدول التالي:


المقاييس التشخيصية حسب DCPR)  Fava et Rafanelli 1995 (

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


بالنسبة لارتباط الألكستيميا بالمناعة في هذا المفهوم نجد أعمال تقيم الوظيفة الألكستيميا علي الوظيفة المناعية وهو ارتباط مهمّ بالخصوص حين يتجسّد على شكل نفسي عصبي، هرموني مناعي، فإنّ إثارة محور قشرة الكظر والمحور الودّي قد يكون هو المسؤول على اضطراب الوظيفة المناعية على المدى المتوسط. بالنسبة لبعض المؤلفين يقول ,2003  Corsos et al إنّ الحفاظ على إثارة المحور الودي وقشرة الكظر قد يكون مسؤول على القضاء على المناعة، ممكن أن يكون لها انعكاسات جسدية على المدى الطويل، فدراسة Tordarello1997 قيّمت الفحوصات في طبّ النساء والتي تكشف دوريا الإصابات ما قبل السرطان لمنطقة عنق الرحم والرحم و123 امرأة سليمة من أمراض معروفة، فان عدد الألكستميين حسب (TAS-30) وعدد اللمفاويات الموجودة Typage, 2, 3, 4, 8. كان فحص المرضى من طرف مختصين في النساء ومن خلال الفحوصات العيادية والشبه العيادية المحصّل عليها، العناصر التشخيصية وقرار اختبار التحاليل Biopsie كانت واضحة حيث يوجد عند المرضى (عددهم 43) إصابات ما قبل السرطان تمسّ عنق الرحم، يقدّر عدد المصابين الألكستيميا وهو 42.5% وهو عدد مرتفع إذا قورن بالعدد الإجمالي. وفي الأخير نستطيع القول أنّ المعطيات تبقى متعدّدة ومتناقضة، وتستطيع القول كذلك أن الشخص الألكستيميا له حساسية وهشاشة تجاه الضغوطات مرتبط بإثارة دائمة لمحور غدّة محور القشرة الكظري المسؤولة عن ضعف المناعة مع تنشيط السيتوكنين لتعويض (المادة المسؤولة على الاتصال المفرزة من طرف الجهاز المناعي وهذا ما يؤدي إلى إثارة الاستجابة المناعية، كذلك نظرية انعدام الوظيفة السيتوكينية المرتبطة بتدني الاستجابة المناعية عند الأشخاص الألكستميين المحتاجين للدّعم. قام Appel وSifneos بتحديد جدول يفرق بين الحالات العصابية والتي تعاني من  L’alexithymieوصف فيها الحالات من عدة جوانب، نعرض فقط مميزات الحالات التي تعاني من L’alexithymie

بما أنّ هذه العلاقة الأولى تكون كنموذج لعلاقاته فإنّ هذه الخبرات العاطفية لا تدخل في النموذج العاإنّ هذا المصطلح قريب من مصطلح التفكير العملي لكن المدارس الخاصة بهم مختلفة حيث أن مصطلح La pensée opératoire اقترح من طرف Marty et M’Uzan في 1963، بينما L’alexithymie اقترح من طرف Nemiah et Sifneos مدرسة Boston  في سنة 1973. التفكير العملي أو L’alexithymie يشير إلى الوظيفة الخاصة بالحالات التي تعاني من أمراض مزمنة، أين تكون الحياة الخيالية فقيرة..

Sifneos يعرّفها بـ "عدم وجود كلمات للتعبير عن الانفعالات".

Pedinielli حدّد 4 تظاهرات لـ L’alexithymie:

1)    عدم القدرة على التعبير اللّغوي على المشاعر والانفعالات.

2)    حياة خيالية محدودة.

3)    الاتجاه نحو الفعل لتجنب حل المشاكل.

4)    وصف مدقق للأفعال، الأحداث والأعراض الجسدية.

بالإضافة إلى الخلط بين المشاعر والانفعالات، انقياد اجتماعي، تقّمصات اجتماعية ضعيفة، قدرة ضعيفة على الاستبطان، غياب الإبداع  بسبب اضطراب الاستهامات، العالم الخيالي.

 

 

 

 

 

كما أنّ Appel و Sifneos قاموا بتحديد جدول يفرق بين الحالات العصابة والتي تعاني من L’alexithymie وصف فيها الحالات من عدّة جوانب، نعرض فقط الحالات التي تُعاني من L’alexithymie

الجوانب

L’alexithymie

الشكاوي

وصف بدون نهاية للأعراض الجسدية، أحيانا بعيدة كلّ البعد على أعراض المرض المصاب به.

شكاوي أخرى

ضغوط، آلام، ملل، شعور بالفراغ، تهيجات، حرمان...

محتوى التفكير

غياب الاستهامات، مفاهيم تعتمد على تفاصيل تافهة من المحيط (تفكير عملي)

الكلام

صعوبة واضحة تظهر أثناء البحث عن الكلمات للتعبير على المشاعر.

البكاء

نادر، لكن أحيانا يكون كثير وبدون علاقة مع المشاعر التي يحسّ بها.

الأحلام

ناذرة

المشاعر

غير مناسبة

العلاقات مع الآخرين

عادة ما تكون فقيرة، مع اتجاهات نحو الخضوع والإدمان عليها، أحيانا يكون هناك تفضيل للعزلة.

النشاطات

مندفعة في الغالب.

علامات شخصية

سلبية، لا استقلالية..

وضعية الجسم

جامدة

التحويل المضاد

يشعر المُعالج بالملل والعلاقة تكون ثقيلة عليه

العلاقات الاجتماعية

غير موجودة (محدودة).

جدول Appel و Sifneos يصفان فيها الحالات التي تعاني من L’alexithymie

هل يمكن تحديد العلاقة بين التفاعلات الأولى أم-  طفل و L’alexithymie؟

أنّ المشكل ناتج حسب  Krystal عن اضطراب في دور الأم فتكون العلاقة بينها وبين طفلها متوترة وتسبب اضطرابات في نمو إمكانيات الخيال، الاستهامات... ذلك يمّهد لظهور L’alexithymie. J. McDougall يعتبر أنّ وظيفة L’alexithymie ترتبط بوضعية طفل غير قادر على تحقيق تمثلات ذهنية لخبراته، أين جسده لا يزال مرتبط بجسد أمه. إنّ الأم في علاقتها الأولى مع رضيعها تبدأ في إعطاء الرضيع الشكل الأولي للتمايز طفل/ أم، ممّا يسمح للطفل باكتشاف والتعرّف على العالم الخارجي وذلك من خلال مساهمتها في نمو إمكانيات التعقيل والتمثلات الأولى للخبرات، بذلك يصل الطفل إلى تحديد جسمه وتحديد الجانب النفسي لديه. عادة في وظيفة L’alexithymie المشكل موجود في Holding وHalding، أين يتعرض الطفل لتجارب متناقضة (حب- كراهية) ممّا لا يسمح له بالتمايز. أيضا المشكل موجود في نظام Pare-excitation أين الأم لا تستطيع احتواء حاجات طفلها، ممّا يسبب له حرمان عاطفي، أين الخطر السيكوسوماتي يكون كبير. هذه الوضعية تدفع الطفل إلى إقصاء خبرات عاطفية في علاطفي المعرفي لديه، ممّا يفسر فقر في الانفعالات والمشاعر وعدم التفريق بينهما.

 

 

 

 

 

 

 

 

الجدول يبين الأعراض الألكستيميا مقارنة بأعراض العصاب

الجوانب

L’alexithymie

العصاب

الشكاوي

وصف بدون نهاية للأعراض الجسدية، أحيانا بعيدة كل البعد على أعراض المرض المصاب به

نقص الشكاوي الجسدية (السوماتية )

وصف محكم.

صعوبات نفسية.

(أعراض ومشاكل شخصية)

شكاوي أخرى

ضغوط، آلام، ملل، شعور بالفراغ، تهيجات، حرمان....

محتوى التفكير

غياب الاستهامات، مفاهيم تعتمد على تفاصيل تافهة من المحيط (تفكير عملي)

الكلام

صعوبة واضحة تظهر أثناء البحث عن الكلمات للتعبير على المشاعر

خطر يظهر على شكل استهامات وأفكار وليس على شكل أحاسيس فيزيائية

اكتئاب يوصف على شكل الإحساس بلا شيء، والإحساس بالذنب 

حياة استهاميه غنية

قدرة مهمة على وصف الأحاسيس بشكل قوي

البكاء

نادر، لكن أحيانا يكون كثير وبدون علاقة مع المشاعر التي يحسّ بها

الأحلام

نادرة

المشاعر

غير مناسبة

العلاقات مع الآخرين

عادة ما تكون فقيرة، مع اتجاهات نحو الخضوع والإدمان عليه، أحيانا يكون هناك تفضيل للعزلة.

النشاطات

مندفعة في الغالب

وضعية شخصية

سلبية، لا استقلالية ....

كلمات مناسبة لوصف الأحاسيس

كلمات مناسبة لأحاسيس خصوصية

وضعية الجسم

جامدة

التحويل المضاد

يشعر المعالج بالملل والعلاقة تكون ثقيلة عليه

العلاقات الاجتماعية

غير موجودة