الدرس رقم 4

                        تشخيص الاضطرابات السيكوسوماتية

    ان الميادين التطبيقية لعلم النفس الصحة خاصة في عالم العمل مرتكزين على طب العمل ويليه طب الجراحة، خاصة في الوسط الاستثنائي هي الحالات التي تواجه الصعوبات الفيزيولوجية المعقدة، المزمنة والخطيرة مثل داء السكري، الآلام المزمنة، أمراض القلب، الكلى، سرطان الدم، اضطرابات الخصوبة ... الخ. هي اضطرابات تؤثر العلاقات الزوجية، العائلية، المهنية، والاجتماعية هناك العديد من الإصابات الفيزيولوجية التي تؤدي إلى ظهور صعوبات سيكولوجية وحتى عقلية (اضطرابات التكيف، الاكتئاب، الهذيانات) وهذا ما يستدعى مساعدة خارجية، ضف إلى المستشفى، المؤسسات الخاصة بالشيخوخة، وكذا المساعدة للأطفال الصغار، المعاقين جسديا وعقليا وحتى المصدومين، المصالح الخاصة بالمساعدات الاجتماعية وكلّ الميادين التي ترمي إلى تحسين نوعية حياة المرضى، العلاقة مريض طبيب، الملاحظة العلاجية. عموما فإن علم النفس الصحة يعمل في كل الميادين أين عليه تسهيل صيرورة التكيف اتجاه المرضى، الحداد، تحسين ملاحظة العلاج الطبي والشبه طبي، قصد تقليص السلوكات والوضعيات لتراجع خطر المرض. في نظر علم النفس الصحي هناك انتقادات ظهرت في حدود المنهج البيو طبي للمنهج الكلاسيكي والتي ترمي إلى اشتراك مجموعة من العوامل المساهمة في حدوث المرض، وهي التجربة الذاتية للصحة والمرض، تستدعى منهجية ينظر فيها الإنسان في فرديته وعالمه وهي نظريات تجعلنا أمام تلك التي تعرف بالأسس الذاتية البينية للفرد عند كل من Binswanger, Minkowski , Merleau-Pontyوكذا التحليل النفسي في مفهوم الدفاع في العلاقة البنيوية للأنا حسبFreud وأخيرا فإن علم النفس الصحة يلجأ كذلك إلى مناهج جديدة ذات المقاربة النظامية البنيوية للربط بين الجسد والنفس والمجتمع.
  
يجب أولا الاهتمام بالفحص الطبي الشامل، واستطلاع تاريخ حياة المريض وتاريخ المرض وتكوين وبناء الشخصية .يُلاحظ أن المريض لا يعترف بسهولة بأن مرضه نفسي جسمي ولكنه يّصرّ غالبا على أنه جسمي فقط. ويُلاحظ أيضا أن المريض عند معرفته بهذا التشخيص تبدو دفاعاته النفسية في النشاط بشكل ملحوظ وقد تزداد حّدة نوبة المرض بشكل واضح أثناء محاولة التشخيص. ومن العلامات الدالّة على أنّ الاضطراب نفسي جسمي، وجود اضطراب انفعالي يعتبر عاملا مرسبا، وارتباط الحالة بنمط معيّن من أنماط الشخصية، ووجود اضطراب نفسي جسمي سابق لدى المريض، ووجود تاريخ مرضي في الأسرة لنفس المرض أو اضطراب مشابه، وسير المرض يكون مرحليا مراحل شفاء ومراحل مرض  .
ويُلاحظ الشبه الكبير بين أعراض المرض النفسي وبين أعراض التوتر الانفعالي .ويجب المفارقة بين العرض النفسي الجسمي وبين العرض كأحد أعراض الأمراض النفسية الأخرى. فمثلا، قد تكون العنة أو الضعف الجنسي أو البرود الجنسي أو فقدان الشهية العصبي اضطرابا نفسيا جسميا في حدّ ذاته وقد تكون عرضا من أعراض الاكتئاب .كما يجب المفارقة بين الأعراض الهستيرية وبين الأعراض السيكوسوماتية  ومن أوجه الاختلاف بين الهستيريا والمرض السيكوسوماتي النفسي نجد الجسم :الهستيريا
-
تصيب الأعضاء التي يسيطر عليها الجهاز العصبي المركزي .
-
الأعراض تعبّر تعبيرات رمزية غير مباشرة عن دوافع مكبوتة وتخدم غرضا شخصيا لدى المريض.
-
لا يكترث الهستيري باضطرابه، بل إنّ عنصر المنفعة والكسب الذي يتوخاه واضح

 إن المرض السيكوسوماتي، يصيب الأعضاء التي يسيطر عليها الجهاز العصبي الذاتي، الأعراض عبارة عن نتائج مباشرة لاضطرابات انفعالية تُخلّ بتوازن الجهاز العصبي الذاتي.  يكترث بمرضه كثيرا كما أنّ عنصر المنفعة والكسب فيه غير موجود أو خفيّ في حال وجوده.

التعليل السببي لظهور المرض  يرى فيه ( كارل ياسبرز ) أن المرض النفسي الجسمي يظهر على شكلين
 -علاقة آلية مكانية : وهي رد فعل يفوق الحد الاعتيادي من حيث القوة والاندفاع مثل حدوث إسهال، أو قيء على أثر انفعال شديد .
 - العلاقة الاكتسابية بالمنعكسات الشرطية
وهي نوع من التكرار القائم على مبدأ ( المنعكس الشرطي ) فالإنسان الذي رفع سماعة التلفون وتلقى نبأ مؤلم عنيف ثم سقطت يده في شلل وظيفي ، هذا الشخص يمكن أن يصاب بوهن اليد والشلل كلما سمع نبأ مزعج . فهناك تكرار وانتقال وتثبيت للمنعكس الشرطي. وتؤكد الباحثة النفسية ( دوتش ) أن العامل النفسي دوما وراء الحوادث والكوارث المفاجئة غير المتوقعة وظروف الحرمان أو الشدة .فالعضو المُصاب نتيجة لذلك الأذى النفسي منذ الطفولة يصبح موضع انفعال دائم ويتكون فيه ما يدعى  عُصاب العضو  أمـا الطبيب ( الكسندر ) فيؤكد بأن المرض السيكوسوماتي هو صراع سابكوـ ديناميكي يربط بين عقدة معينة ومرض معين، فعقدة الاتكال تولد قرحة المعدة، وعقدة الفراغ عن الأم تولد الربو وهكذا  ويذهب إدلر  إلى أن الشعور بالنقص في عضو معين يقود إلى المرض السيكوسوماتي. ويركز ( التحليليين ) على خبرات المريض السابقة، وتراكمها وتكرارها، وبالذات خبرات الطفولة كسبب حتمي في حدوث المرض السيكوسوماتي  ويرجع البعض إلى أن إصابة أحد أفراد العائلة قد تكون واحدة من الأسباب  
ويرجع بعض علماء النـمو السبب إلى ضعف في أحد أجهزة الجسم في مراحل التكوين والتطور كالأمعاء  أو المثانة، أو المعدة، مما يساعد على ظهور الأضرار في ذلك العضو. وأكد بعض العلماء أن ضحالة النضج العاطفي والكبت الشديد والخوف من المسؤولية من شأنها أن تقود صاحبها إلى المرض

النفس جسمي .

المراجع

- شيلي تايلور (2008): علم النّفس الصحّي، الطبعة الأولى، جامعة عمان، الأردن

 - فتحي سعيد: استشاري الصحة النفسية وتطوير الذات www kenenaonline.Com

- Bruchon- Schweitzer. M (2002): Psychologie de la sante, modèles concepts et méthodes. Ed Dunod, Paris

-Baillet F, Pelicier N (1998): L’annonce diagnostique, impact psychologique et aspects pratique, l’encéphale

 -Baldoni F. Trombani (2005): la psychosomatique l’équilibre entre corps et esprit, collection psycho. Ed du press,