مفهوم الابستمولوجيا
المدلول اللغوي
الإبستومولوجيا مصطلح إغريقي يتألف من مقطعين Epistemo أخذها "ميشال فوكو" من الإغريقية وأدخلها في القاموس الفلسفي وتعني المعرفة، وهي عند أفلاطون المعرفة العقلية وتقابلها المعرفة الكهنية، و Logos فيعني العلم بوجه عام، نظرية، دراسة، نقد، فهي إذن من حيث الاشتقاق اللغوي علم المعرفة، نظرية المعرفة.... [19][1][1].
وحسب لالاند تدل Epistemologie على فلسفة العلوم لكن بمعنى أدق فهي ليست حقا دراسة المناهج العلمية التي هي موضوع الميثودولوجيا Méthodologie التي تنتمي للمنطق، كما أنها ليست إرهاصا ظنيا بالقوانين العلمية (على الطريقة الوضعية) [11][2][2]. جوهريا هي الدراسة النقدية لمبادئ مختلف العلوم، فرضياتها ونتائجها الرامية لتحديد أصلها المنطقي قيمتها ومداها الموضوعي.
ويتبين حرص لالاند على التمييز بين الإبستومولوجيا، الميثودولوجيا، فلسفة العلوم ونظرية المعرفة، فالكلمة الانجليزية Epistemology تستعمل كثيرا خلافا لاشتقاها للدلالة على نظرية المعرفة Gnoséologie، بينما تشير في الفرنسية لفلسفة العلوم بالرغم من أنها مدخلا لنظرية المعرفة إلا أنها تمتاز عنها من حيث دراسة المعرفة بالتفصيل وبشكل بعدي في مختلف العلوم والأعراض أكثر مما تدرسها على صعيد وحدة الفكر، وهذا ما نجده عند شالمرز Chalmers الذي يعتبر أن بيكون هو إحدى بدايات فلسفة العلوم وعند كانجيلام Canguilhem في كتابه الإبستومولوجيا وتاريخ العلوم Etudes d'histoire et de philosophie des sciences
التعريف الاصطلاحي للابستمولوجيا
لا يختلف التعريف الاصطلاحي للإبستومولوجيا عن تعريفها اللغوي فهي مبحث فلسفي نقدي يهتم بطبيعة المعرفة الإنسانية، مصدرها، أنواعها وأدواتها.. وتحديد قيمتها.
ومن جهة ثانية ينادي عديد الباحثين المعاصرين بضرورة التمييز بين الإبستومولوجيا التي تهتم بالمعرفة العلمية المعتمدة على القياس والتجارب من خلال أداوتها، وبين نظرية المعرفة التي تتناول بشكلها التقليدي كل أنواع المعارف.
وتنوعت فروع الإبستومولوجيا نظرا لتفرع العلوم لأربعة أنواع هي [19][1]:[1]
إبستومولوجيا الرياضيات: من ممثليها راسل الذي نظر في رياضيات المجاميع ونقدها وتأمل في مفهوم اللامتناهي بين الرياضيات الكلاسيكية والحديثة وهنري بوانكاري الذي تأمل في المنهج الرياضي؛
إبستومولوجيا العلوم الفيزيائية: أبرز ممثليها غاستون باشلار الذي حدد البنية العقلية العلمية الفيزيائية عبر مسايرته لتاريخ المفاهيم العلمية إلى فيزياء اينشتاين مؤكدا على عقلانية الفكر العلمي وعلى القطيعة بين حلقاته المتلاحقة، ومع التفكير الساذج ورايشنباخ الذي بين مهمة الإبستومولوجيا في التحليل المنطقي اللغوي للنص العلمي
إبستومولوجيا علوم الحياة: نجد في هذا الفرع كانجيلام الذي بين نسبية مفهومي السوي وحال الصحة ومونو الذي بين أن لعلم الحياة الحديث يتأرجح بين الصدفة والضرورة، واهتم كلود برنارد بالمنهج في الطب وبين انه منهج تجريبي دقيقة؛
إبستومولوجيا العلوم الإنسانية: تتناول الإنسان من حيث هو كائن يحمل العديد من الأبعاد (النفسية، الاجتماعية، التاريخية ...) تساهم بشكل مباشر في بناء الظاهرة المعرفية، ومن أبرز ممثليها جون بياجي، كارل منهايم، ديلتاي.