3.المدخل الموقفي في القيادة.
انصب التركيز في المدخل الموقفي على الأسلوب القيادي الفعال،وارتباط ذلك بالمواقف المتعددة وعواملها.فالفكرة الأساسية في النظريات الموقفية للقيادة هي أن فاعلية القيادة تتوقف على وجود مواءمة بين سلوك القائد ومتطلبات الموقف.
3- 1النظرية الموقفية لفيدلر: (Fiedler’s contingency theory).
يشير(العميان2010)أن النظرية الموقفية لفيدلر تقوم على اعتبار أن القادة يتباينون في ما يقومون به من أعمال تجاه المرؤوسين لهم، كذلك تشير النظرية إلى أنه ليس هناك أسلوب واحد في القيادة يصلح لكل زمان ومكان،وبالتالي يجب على القائد أن يكيّف نفسه مع طبيعة الموقف. (العميان272:2010).
يبين(ماهر2004)أن فاعلية القيادة تتوقف على الانسجام والتناغم الصحيح بين شخصية القائد ومتغيرات الموقف الثلاث وهي العلاقات بين القائد والمرؤوسين،وقوة مركز القائد،وهيكلية المهمة أو مدى وضوح المهمة.(ماهر52:2004).
تشتمل هذه النظرية على طريقة لتصنيف القادة،وإطار لتصنيف المواقف القيادية،ونموذج يحدد الأساليب القيادية المناسبة للمواقف.وسنتناول بالمناقشة كل عنصر على حدة.
أ-تصنيف القادة:يقاس أسلوب القيادة في هذه النظرية بمقياس(تقييم)زميل العمل الأقل تفضيلا وذلك بموجب استبيان يتضمن ثمانية عشر بندا يتضمن كل منها صفتين متقابلتين(least prefered co-worker) (L.P.C)،حيث يسأل القائد أن يصف شخص عمل معه،ولا يجب أن يكون شخصا يحبه بدرجة أقل،ولكن يجب أن يكون شخصا يجد معه صعوبة كبيرة في أداء الوظيفة،وبعد الإجابة وجمع النقاط،فإن كان مجموع النقاط التي حصل عليها هذا الزميل عاليا(63 فما فوق)أي أن هذا القائد قد وصف زميله الأقل تفضيلا بعبارات إيجابية،مما يعني أن القائد يميل إلى الاهتمام بالعلاقات الشخصية أو المرؤوسين،أما إذا كان مجموع النقاط منخفضا(أقل من 63)أي أن هذا القائد قد وصف زميله الأقل تفضيلا بعبارات سلبية،مما يعني أن القائد يميل إلى الاهتمام بالعمل أو الإنتاج.وهكذا ميز فيدلر بين أسلوبين قياديين اعتمادا على الاستبيان الذي استخدمه وهما أسلوب قيادة يهتم بالعمال،وأسلوب قيادة يهتم بالإنتاج.
ب- تصنيف المواقف:يؤكد(العميان2010)أن مدى مناسبة الموقف للأسلوب القيادي مرهون بتوفّر ثلاثة عوامل أساسية هي:
- العلاقة بين القائد والأعضاء:أي تقبل المرؤوسين للقائد،ويعتبر هذا العامل من أهم العوامل الموقفية لأنه يدل على استجابة المرؤوسين للقرارات التي يأمر بها القائد، كما أن هذه العلاقة تبين مدى الثقة المتبادلة بين القائد و المرؤوسين.
- هيكلة المهام:أي مدى وضوح الأهداف والعمل والواجبات الملقاة على عاتق المرؤوسين،وتحديد طرق و أساليب العمل ومعايير ومقاييس الأداء،ولكي ينجح القائد في عمله ويقوم به بسلاسة،يجب أن تكون متطلبات العمل واضحة للجميع.
- سلطة القائد الوظيفية: تعني درجة القوّة في مركز القائد لأداء مهامه المتعلقة بالصلاحيات الممنوحة له في منح المكافآت وإيقاع الجزاءات عليهم،وتفويض بعض الصلاحيات لهم.(العميان272:2010).
إن ارتفاع مستوى العوامل الثلاثة السابقة يجعل المواقف التي يمرّ بها القائد مناسبة له،من حيث قبول المرؤوسين للقائد،ومهام العمل واضحة ومعلنة،وتمتع القائد بسلطة قويّة كما أن العكس صحيح.
ج-نموذج الأساليب القيادية:تعطي العوامل الثلاثة مجتمعة مواقف خاصة ومتميزة،وعددها ثمانية تتراوح بين مواقف ملائمة وغير ملائمة.
الجدول رقم (2) يوضح نموذج فيدلر في القيادة.
العلاقة بين القائد- الأعضاء |
جيدة |
سيئة |
||||||
هيكلة المهام |
واضحة |
غامضة |
واضحة |
غامضة |
||||
سلطة القائد الوظيفية |
قوية |
ضعيفة |
قوية |
ضعيفة |
قوية |
ضعيفة |
قوية |
ضعيفة |
المواقف |
1 |
2 |
3 |
4 |
5 |
6 |
7 |
8 |
ملائم غير ملائم
المصدر: حسين حريم ص 212
يكون الموقف ملائم إذا لقي القائد قبولا من المرؤوسين،وإذا كانت المهمة مهيكلة بدقة ومعلنا عنها بوضوح،وإذا كانت هناك سلطة رسمية قوية ممنوحة للمنصب الذي يشغله القائد،والعكس بالعكس.يستخدم القائد في موقف ملائم أو غير ملائم أسلوبا قياديا يهتم بالعمل،لكن عندما يكون الموقف أقل ملائمة،فيجدر به أن يستخدم أسلوبا قياديا يهتم بالعلاقات الإنسانية.
يكون أسلوب القيادة المهتم بالعمل أكثر فاعلية في المواقف غير ملائمة(الموقف8،حيث العلاقة سيئة بين القائد ومرؤوسيه،وهيكلة المهام غامضة،وسلطة القائد الوظيفية ضعيفة)،كذا في المواقف ملائمة(المواقف1،2،3،حيث العلاقة جيدة بين القائد ومرؤوسيه و/أو هيكلة المهام واضحة و/أو سلطة القائد الوظيفية قوية)،بينما يكون أسلوب القيادة المهتم بالعلاقات الإنسانية أكثر فاعلية في المواقف المتوسطة-بين الملائم وغير ملائم-(المواقف4،5،6،7،حيث العلاقة سيئة بين القائد ومرؤوسيه أو هيكلة المهام غامضة أوسلطة القائد الوظيفية ضعيفة.
إذا كان الموقف مناسبا،يكون القائد الذي يهتم بالعمل ناجحا،لأن المرؤوسين يتقبلون أوامره وتعليماته،ونفس الأسلوب يكون ناجحا في موقف غير ملائم،لأن الجماعة سوف تظل إذا لم يوجد القائد يتصرف بقوة ويأخذ بزمام أمورها،لكن لمّا يكون الموقف متوسطًا فيجب على القائد اللجوء إلى
التوفيق والإقناع.
إذا كانت للقائد علاقات جيدة،وطبيعة نظام العمل غير مهكلة،وسلطة القائد الوظيفية ضعيفة (درجة منخفضة على سلم صفات القائد) أي(الحالة4)،فأفضل حل هو استبدال القائد بقائد مرتفع الدرجة على سلم صفات القائد،بدلا أن نطلب منه استخدام أسلوب قيادة مختلف.
3-2 نموذج فروم ويتون في القيادة: (The Vroom Yetton model of leadership).
قدم(فروم ويتون Vroom &Yetton)نموذج في القيادة الموقفية يهدف إلى تحقيق أسلوب قيادة مناسب لكل حالة موقفية معينة.يركز هذا النموذج على درجة مشاركة التي يجب على القائد إتاحتها للمرؤوسين في عملية اتخاذ القرارات،ولهذا فإن هذا النموذج يعتبر من النظريات المعيارية التي تحكم درجة مشاركة المرؤوسين في هذه العملية.
يصنف(فروم وياقو1978)أساليب القيادة كالآتي:
- أسلوب قيادة أوتوقراطية(AI).يقوم القائد بصنع القرار منفردا اعتمادا على المعلومات المتاحة لديه عن المشكلة المطروحة.
- أسلوب قيادة أوتوقراطية(AII).يطلب القائد معلومات من المرؤوسين،ثم ينفرد وحده بصنع القرار.
- أسلوب قيادة استشارية(CI).يطلع القائد المرؤوسين بالمشكلة بشكل منفرد،ويطلب من كل مرؤوس معلومات،ويطلب تقييم الوضع ولا يجتمع المرؤوسون معًا،وبعد ذلك ينفرد القائد بصنع القرار النهائي.
- أسلوب قيادة استشارية(CII).يجتمع القائد والمرؤوسين لمناقشة الوضع (المشكلة) وبعد ذلك ينفرد هو بصنع القرار النهائي.
- أسلوب قيادة ديمقراطية(GII) (صنع القرار الجماعيgroup consensus).يجتمع القائد والمرؤوسين لمناقشة الوضع،ويقوم المرؤوسون بصنع القرار النهائي.(فروم وياقو151:1978-162).
ميز نموذج فروم ويتون بين الأساليب القيادية التي تؤثر في الفرد وبين الأساليب القيادية التي تؤثر في الجماعة،يمكن استخدامها في عملية اتخاذ القرارات،اثنان من هذه الأساليب ذات طابع استبدادي (AII،AI)،يليها أسلوبين ذوي طابع استشاري(CII،CI)،أما الأسلوب الأخير فإنه ذو طابع جماعي (GII).يتصف الأسلوبان الأولان بدرجة عالية من انعدام مشاركة المرؤوسين في عملية اتخاذ القرارات بينما نجد أن درجة مشاركة المرؤوسين في عملية اتخاذ القرارات تبدو عالية جدّا في الأسلوب الأخير الذي يمتاز بطابعه الجماعي(GII).
3-3 نظرية المسار/ الهدف في القيادة.(The patch-goal theory).
تعتمد نظرية المسار/الهدف في القيادة على نظرية التوقع(لفروم Vroom)في الدافعية.
استعمل تعبير مسار/هدف للقول بأنه يمكن للقائد التأثير على مسار المرؤوسين نحو تحقيق أهداف المنظمة من خلال مساعدتهم،ودعمهم بما ييسر تحقيق أهدافهم الشخصية،وربط حصولهم على هذه الأهداف بانجاز أعمال معينة،أي تحقيق أهداف المنظمة،بمعنى أن القائد يمكنه أن يحدد مستوى الأداء الذي إن بلغه يؤدي لتحقيق أهداف العمل،ومن ثمة يحصل المرؤوس على الحافز المرغوب.
تقوم الفكرة الرئيسية لهذه النظرية على الكيفية التي يمكن أن يشكل فيها سلوك القائد عاملا دافعا للمرؤوسين نحو تحقيق أهدافهم من خلال تحديد المسارات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.ووفقا لهذه النظرية يقوم القائد بما يلي:
- توضيح المهمة التي يجب انجازها لمرؤوسيه.
- إزالة العوائق التي تحول دون الوصول إلى الهدف.
- العمل على زيادة فرص الرضا الشخصي أمام المرؤوسين.
تصنف النظرية مسار/هدف أساليب القيادة على النحو التالي:
أ- أسلوب القيادة الموجهة: (directive leadership style )
يوجه هذا الأسلوب القيادي المرؤوسين بتعليمات تفصيلية في أداء الواجبات،ولا تتيح لهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات.
يؤكد(عياصرة2006)أن القائد يصدر تعليماته فيما يجب القيام به وكيفية القيام به،ويحدد الأدوار لكل فرد،ويضع معايير معينة للانجاز،كما أن هناك علاقة ايجابية بين مستوى رضا الأفراد وبين تعليمات القائد.(عياصرة75:2006-76).
يشير(هاوس وميشل1974)أن أسلوب القيادة الموجهة له علاقة ارتباط طردية برضا ودافعية المرؤوسين في المواقف التي يؤدي فيها المرؤوسون مهام تتصف بدرجة عالية من الغموض،حيث تساعد توجيهات وإرشادات القائد على إجلاء هذا الغموض وتحقيق أهداف المرؤوسين من جهة وأهداف العمل من جهة أخرى،بينما يرتبط هذا الأسلوب ارتباطا عكسيا برضا ودافعية المرؤوسين في المواقف التي يؤدي فيها المرؤوسون مهام تتصف بالوضوح،و البساطة والتكرار حيث يميل المرؤوسون لأسلوب القيادة الذي تقل فيه توجيهات القائد وتدخلاته.(هاوس وميشل81:1974-98).
ب- أسلوب القيادة المدعمة والمساندة: ( style supportive leadership)
تتمثل في القيادة الداعمة والمشجعة في إبداء الشعور اللازم نحو احتياجات المرؤوسين والاهتمام بهم وجعل جو من الصداقة والود يسود المنظمة.يتفهم هذا الأسلوب القيادي مشاكل المرؤوسين في إشباع حاجاتهم.
يؤكد(عياصرة2006)أن القائد هنا يكون حكيما،وله قبول لدى التابعين،كما أنه يعطي اهتمامه للحالة الاجتماعية والبيئية للعاملين معه،كما أنه عادل في تعامله مع جميع الأفراد،ولهذا السلوك أثر ايجابي على مستوى الروح المعنوية للأفراد.(عياصرة76:2006).
يشير(هاوس وميشل1974)أن أسلوب القيادة المساندة له علاقة ارتباط طردية برضا ودافعية المرؤوسين في المواقف التي يؤدي فيها المرؤوسون أعمال مثيرة للتوتر والإحباط أو مثيرة للاستياء،أو عندما يتصف المرؤوسون بقصور الثقة بالنفس،حيث يساعد القائد المساند مرؤوسيه على إدراك أن عملهم له معنى وهدف،وكذا يساعدهم على أن يصبحوا أكثر ثقة بأنفسهم وذلك من خلال تعليمهم،وتدريبهم وتقدير إنجازاتهم.(هاوس وميشل81:1974-98).
ج- أسلوب القيادة المشاركة: ( participative leadership style)
يشرك هذا الأسلوب القيادي المرؤوسين في صنع القرارات قبل تنفيذها.يقوم القائد بمشاورة المرؤوسين و السعي إلى التعرف على أدائهم ومقترحاتهم و أخدها في الاعتبار عند اتخاذ القرارات.
يؤكد(العميان2010)أن القائد يشارك العاملين في وضع الحلول للمشاكل التي تعترضهم ويستشير القائد العاملين ويعمل باقتراحاتهم بشكل جدي عند اتخاذ القرارات.(العميان274:2010).
يشير(هاوس وميشل1974)أن أسلوب القيادة المشاركة له علاقة ارتباط طردية برضا ودافعية المرؤوسين في المواقف التي يشعر فيها المرؤوسون بأن أعمالهم تعبر عن ذاتهم،وكذا عندما تكون مطالب العمل غامضة،أما في المواقف التي لا يشعر فيها المرؤوسون بأن أعمالهم تعبر عن ذاتهم،والتي تكون فيها مطالب العمل واضحة،فإن هذا الأسلوب يرتبط ارتباطا طرديا برضا ودافعية المرؤوسين الذين يتصفون بالنزعة الاستقلالية،وعدم تقليدية التفكير،وتفضيل أساليب القيادة غير التسلطية.(هاوس وميشل81:1974-98).
د- أسلوب القيادة الموجهة نحو الإنجاز: (style achievement -oriented leadership)
هي القيادة تسعى إلى الوصول إلى نتائج،و تضع أهداف عالية تسعى إلى تحسين الأداء،و تعمل على إعطاء المرؤوسين الثقة بقدراتهم و إمكانياتهم لتحقيق أعلى مستويات الانجاز.يحفز هذا الأسلوب القيادي المرؤوسين على إنجاز الأهداف بأداء عال.
يؤكد(عياصرة2006)أن القائد يتوقع بهذا السلوك أن يصل العاملون إلى درجة عالية من الانجاز،وعلى العاملين أن يبذلوا أقصى الجهود للوصول إلى معايير عالية من الأداء لكسب الثقة بأنفسهم لمواجهة الصعوبات.(عياصرة76:2006).
يشير(هاوس وميشل1974)أن أسلوب القيادة الموجهة نحو الإنجاز له علاقة ارتباط طردية برضا ودافعية المرؤوسين عندما يؤدي المرؤوسون مهام غير متكررة،بها قدر من الغموض وعدم التحديد،أو حينما لا يشعر المرؤوسون بتحد يشحذ هممهم للعمل المثمر.(هاوس وميشل81:1974 -98).
ترى نظرية مسار/هدف في القيادة إمكانية ممارسة القائد أساليب قيادية في مواقف مختلفة لا أسلوب واحد،و أنها جعلت فعالية القائد مرتبطة بالموقف وحاجات المرؤوسين ومشاعرهم وتوقعاتهم من العمل.