2.مدخل السلوك في القيادة.
قدمت النظريات السلوكية في القيادة منظورا جديدا يركز على سلوك القائد بدلا من الخصائص العقلية والجسمية أو الاجتماعية للقائد. فالقائد، حسب النظرية السلوكية، يصنع ولا يولد.
ظهرت عدة دراسات ضمن هذا المدخل، أهمها:
2-1 دراسات جامعة إيوا: (The Iowa state university studies) .
بدأ الاهتمام العلمي التجريبي بعملية القيادة بالدراسة الرائدة التي قام بها كل من لوين Lewin وليبيتLippit ، ووايت White(1939)في جامعة إيوا.أجريت التجارب على عدد من التلاميذ في سن العاشرة، حيث قسم التلاميذ إلى مجموعات يشرف على كل منها قائدا يتبع أسلوبا قياديا محددا-وفق تعليمات القائمين على التجربة- فتم تطبيق ثلاث أساليب من السلوك القيادي هي:
- الأسلوب القيادي الاستبدادي أو الأوتوقراطي.
- الأسلوب القيادي الديمقراطي.
- الأسلوب القيادي التسيبي أو الحر.
أ- الأسلوب القيادي الاستبدادي أو الأوتوقراطي:
يشير(قنديل2010)أن قيادة تسلطية(أوتوقراطية)هي القيادة التي تتميز بانفراد القائد بالرأي، واتخاذ القرار، وعدم المراجعة أو التراجع، والعلاقة بين الرئيس والمرؤوس مبنية على الإرهاب والخوف وإتباع التعليمات.(قنديل37:2010).
يضيف(العجمي2008)أن من خصائص القائد الأوتوقراطي ما يلي:
- يحدد منفردا أساسيات المؤسسة وخططها دون مشاورة.
- لا يفوض سلطاته الإدارية إلى المرؤوسين.
- يتخذ القرارات بنفسه.(العجمي143:2008).
يبين(سكارنة 2010 )على أن أسلوب القيادة الأوتوقراطية يترتب عليه أثار سلبية بالنسبة للعمل والموظفين وهي كالأتي:
- إحساس المرؤوسون بالسخط والقلق والاضطراب،مما يؤدي على خلق المتاعب في العلاقات بين القادة والمرؤوسين.
- عدم قيام المرؤوسين بأي عمل ما لم يكن لديهم أوامر صريحة ومحددة من قائدهم،تجنبا للخطأ والتعرض للجزاء.
- تعطيل التغذية العكسية،بسبب استخدام القائد لنمط الاتصالات التي تسير في اتجاه واحد، فالاتصالات إلى أسفل من القائد للمرؤوسين يؤدي إلى عدم الفهم المتبادل بين الطرفين.
- استخدام القائد لأسلوب الضغط والشدة والتحكم دون تقديره واحترامه لمرؤوسيه،يترتب عليه توليد شعور بالفشل والإحباط.ومن أبرز مظاهر الشعور بالإحباط لدى الموظف ما يلي:
- السلوك العدواني للموظف،مثل السلبية،روح التخريب،تعمد ارتكاب الأخطاء في العمل،والتهديد بالتوقف عن العمل.
- ارتداد شخصية الموظف،أبرز أعراض ارتداد شخصية الافتقار إلى ضبط الانفعال،والقابلية لتصديق الإشاعات.
- ظهور التجمعات الغير رسمية بين المرؤوسين داخل التنظيم الرسمي وذلك للتخفيف من القلق النفسي والتوتر والإحباط لدى المرؤوسين،مما يؤثر على الأداء بسبب الصراع بين التنظيم الرسمي والتنظيم الغير الرسمي.
- انخفاض الروح المعنوية للعاملين،التي تبدو ظاهرة من خلال مجموعة من المؤشرات من أهمها:
- انعدام رضا العاملين عن العمل،وانعدام التعاون والولاء للقائد.
- ارتفاع معدل الشكاوي والتظلمات بين العاملين.
- ارتفاع معدل الغياب عن العمل بين الموظفين بدون عذر أو الاعتذار المختلفة.
- ارتفاع معدل دوران العمل.(سكارنة156:2010-169).
يشير(كنعان2009)أن أسلوب القيادة الأوتوقراطية يمكن أن يكون الأمثل في التعامل مع بعض النوعيات من الموظفين:
- الموظفون الذين يخشون استعمال السلطة.
- الموظفون الذين تنقصهم الثقة بالنفس.
- الموظفون الذين لديهم ميول عدوانية.(كنعان167:2009).
ب-الأسلوب القيادي الديمقراطي:
يعرف(عياصرة2006)القيادة الديمقراطية بأنها القيادة الإنسانية والجماعية التي تضمن التفاف الجماعة حول القائد الذي يمثلهم،كنموذج في تحقيق دواتهم ويعبر عن طموحاتهم المشروعة بإطار من الولاء والإخلاص والتفاني ويتصرف ويتمثل في جميع أعماله بما يعمق لديهم صورة الإخلاص والتفاني للمصالح الجماعية.(عياصرة66:2006).
يلاحظ(العجمي2008)أن أسلوب القيادة الديمقراطية يناقش المشروعات مع مرؤوسيه وينظر إلى مقترحاتهم بعين الاعتبار ثم يتخذ القرار النهائي وفقا لذلك،أن القائد الديمقراطي يهتم بتوضيح المشكلة لفريقه ويساعدهم على حلها ويهتم كثيرا بالعلاقات الإنسانية وبالعمل بروح الفريق. (العجمي174:2008).
ج-الأسلوب القيادي التسيبي أو الحر:
يشير(عياصرة2006)أن الأسلوب القيادة الترسلية يتميز بعدم تدخل القائد في مجريات الأمور،ولا يعطي توجيهاته أو إرشاداته للعاملين إطلاقا إلا إذا طلب منه ذلك،فهي قيادة تترك للأفراد حرية مطلقة في التصرف والعمل دون أي تدخل من جانب القائد،وقد يكون السبب في ذلك عدم قدرة القائد على اتخاذ القرارات أو عدم معرفته بالمشكلة المطروحة.(عياصرة49:2006-50).
يرى(سكارنة2010)أن سلوك القادة من هذا النوع يتسم إلى أقل من الشدة في توجيه مرؤوسيهم،بحيث يتركوا لمرؤوسيهم الحرية الكاملة في اتخاذ القرارات دون أي نوع من التقييم أو المتابعة لأداء المرؤوسين.وهذا يعني غياب القيادة الحقيقية في الموقف الذي يوجد في هذا النوع من القيادة. (سكارنة77:2010).
يضيف(سكارنة2010)تصف القيادة الترسلية القائد الذي يسمح للمرؤوسين العمل من تلقائي أنفسهم.نلقى أسلوب القيادة عدم التدخل عندما لا يملك القائد السيطرة الكافية على عمل المرؤوسين.يعطي القائد عدم التدخل للمرؤوسين الحرية الكاملة للقيام بالعمل، ويوفر الدعم والنصائح (الاستشارات) إذا لزم الأمر، ولكن خلاف ذلك لا يتدخل القائد.يتجنب القائد اتخاذ القرارات حيث يترك هذه العملية للمرؤوسين مع بعض التوجيه منه.(سكارنة77:2010).
2-2 دراسات جامعة أهايو: (The Ohio state university studies).
بدأت دراسات جامعة أوهايو حول أبحاث القيادة في أوائل الأربعينات، محاولة منها لمعرفة السلوك القيادي المصاحب للمهام القيادية،والذي يحقق أهداف الأفراد والمنظمة.
حاول(همفيل وهالبين وكونز)في جامعة أهايو بالولايات المتحدة الأمريكية تطوير استبيان يحتوي على العديد من البنود(150بندا)التي تقيس سلوك القائد،والتي أسموه استبيان وصف السلوك القيادي (L.B.D.Q)leadership behavior description questionnaire،وقد نتج من تحليلهم لهذه البنود عاملين يعكسان الأسلوبين القياديين المشهورين هما مراعاة مشاعر المجموعة (consideration) والمبادأة في تنظيم العمل (initiative structure).
أ-بعد مراعاة مشاعر المجموعة:يرى(عياصرة2006)أن هذا البعد يشير إلى وجود جو من الود والصداقة والاحترام والثقة بين القائد والمرؤوسين،بمعنى أن القائد يأخذ في الحسبان والاعتبار أحاسيس ومشاعر التابعين لقيادته ويحترم أفكارهم وتقوم بينه وبينهم ثقة وفهم متبادل.(عياصرة57:2006-58).
ب-بعد المبادأة في تنظيم العمل:يرى(عياصرة 2006)أن هذا البعد يتمثل في سلوك القائد الذي يحدد مسار العمل من خلال وضع إطار له،ويوزع الأدوار،ويشرف على التنفيذ،ويركز على الإنتاجية بالدرجة الأولى، ويستخدم قنوات اتصال واضحة بينة وبين العاملين معه.(عياصرة57:2006-58).
تفترض دراسات جامعة أهايو أن هذين البعدين مستقلان(متعامدان)،فالقائد يستطيع أن يكون مرتفعا على إحداهما ومنخفض على الآخر،مرتفعا أو منخفضا على كليهما،أي أنه لا يمكن التنبؤ بدرجة أحدهما من على الآخر.
يؤكد(حسن2004) أنه نتج عن هذين البعدين(مراعاة مشاعر المجموعة،والمبادأة في تنظيم العمل) أربعة أساليب قيادية وهي كالأتي:
- أسلوب عال في التوجيه نحو العمل، وعال في بناء العلاقات الإنسانية.
- أسلوب عال في التوجيه نحو العمل، ومنخفض في بناء العلاقات الإنسانية.
- أسلوب منخفض في التوجيه نحو العمل، وعال في بناء العلاقات الإنسانية.
- أسلوب منخفض في التوجيه نحو العمل، ومنخفض في بناء العلاقات الإنسانية. (حسن33:2004-34).
يضيف(حسن2004)أن السلوك القيادي الفعال هو الذي يحقق للمرؤوسين أداء عاليا كما يحقق رضا عاليا لدى هؤلاء المرؤوسين ويَجب أن يتصف بالقدرة على تنظيم العمل، وأيضا الاعتبارات الإنسانية تجاه المرؤوسين، أي يجب أن يُظهر سلوكا عاليا في كلا من بعدي سلوك القائد. (حسن34:2004).
2-3 دراسات جامعة ميتشجان: (The Michigan state university studies).
كانت تهدف دراسات جامعة ميتشجان التعرف على القيادة لتأكيد الفروق الموجودة بين سلوك القادة الأكثر والأقل فعالية.قام(كاتز وماكوبي ومورس Katz ,Maccoby ,Morse )بدراسة أربعة وعشرين جماعة عمل في إحدى مؤسسات التأمين أمريكية.قسمت هذه الجماعات إلى قسمين،يتميز القسم الأول بإنتاجية عالية،بينما يتميز القسم الثاني بإنتاجية منخفضة.
ميزت دراسات جامعة ميتشجان بين أسلوبين للقيادة هما :
أ- أسلوب قيادة مهتم بالأفراد:يتركز اهتمام القائد على مرؤوسيه ويتعامل معهم كثيرا،ويعمل على الرقي بأحوالهم ورفاهيتهم،و يحفزهم على الاختلاط فيما بينهم،والاهتمام بأهداف المؤسسة التي يعملون فيها.
ب- أسلوب قيادة مهتم بالعمل:يتركز اهتمام القائد على الأمور الفنية للعمل ويعمل على سن عدد من معايير ونظم وأساليب العمل،ويمارس نمط المتابعة اللصيقة على العاملين.تعني التركيز على القيادة القريبة، وتقويم الأداء والانجازات.
يرى(فرج1992)أن القائد المهتم بالإنتاج يركز فقط على إنجاز العمل،ويمكن أن يكون استبداديا،ونشاطه يتمحور حول تعريف العمل والأدوار المطلوبة،والتخطيط والتنظيم ومراقبة العمل. بينما يركز القائد المهتم بالأفراد على تنظيم مرؤوسيه وتدعيمهم وتطويرهم،إنه أسلوب قيادة تشاركي يميل فيه القائد إلى تشجيع مرؤوسيه على العمل الجماعي الجيد،والتعاون الخلاق.إنه أسلوب قيادي عكس الأسلوب القيادي المهتمة بالعمل ، حيث يعامل القائد المهتم بالأفراد المرؤوسين على قدم المساواة، إنه ودي وودود، يولي اهتمام لرفاهية كل فرد في الجماعة.(فرج92:1992).