المحور الأول
لمحة تاريخية حول بروز علم السيكوسوماتيك
إنّ عبارة السيكوسوماتية قد عبّر عنها ولأول مرة من طرف الطبيب العقلي الألماني HEINROTH ويرجع التاريخ الحقيقي لهذا المفهوم منذ القِدم، أي منذ ظهور الطبّ بصفة عامة وحتى في آراء المدرسة Hippocrate التي رأت أنّ المرض الجسدي سببه ألم نفس كحالات السويداوية Mélancolie. وعند مطلع القرن 19 وظهور الطريقة التشريحية الاكلنيكية لكي يُؤخذ بِعَيْن الاعتبار كلّ المصطلحات الخاصة بالطبّ والتي انظمّ إليها آنذاك كلّ من PINEL et ESQUIROL. بعد ذلك جاء GALIEN والذي جاء بتحليله الخاص بالطب من الجانب العضوي دون تعميم. أمّا Trousseau فقد اكتشف في عيادته الطبّية بعض من الأبعاد الطب النفسي-الجسدي المستنبطة من بعض الأعراض الملاحظة من Charcot، وبعد ذلك تلامذته في أبحاثهم حول الاضطرابات الوظيفية (DEJERINE) الذين فتحوا مجال كبير للطب النفسي- الجسدي، خاصة بحوثهم عن الهستيريا، هذا النموذج المرضي الذي أصبح منهج بحث لكلّ تلك النظريات المرضية السيكوسوماتية. أمّا CHARCOT الذي ارتكز على فرضية الإصابة العصبية الوظيفية يرى أنّ الهستيريا مرض عقلي ذات علاقة مع الصدمة وخاصة الجنسية. ابتداءًا من سنة 1952 بالولايات المتحدة الأمريكية، بدأت أعمال وتخصصات Alexander et Dumber في البروز، وطرحت أسس الطب النفسي الجسدي الحديث. إنّ الدراسة السيكوسوماتية كانت تابعة للدراسات المكثفة حول الهستيريا، هذا النموذج المرضي الذي يعود إلى إصابة الجهاز العضلي العصبي والذي يعتبر سبب في الإصابة بالهستيريا التحويلية. إذن إنّ إصابة الجهاز الاعاشي يعود إلى مرض نفسي- جسدي. وعليه، فإنّ الفضل يرجع إلى كلّ من Alexander et Dumber في إظهار مختلف بنيات الشخصية بعض الأمراض السيكوسوماتية. Alexander اكتشف شخصية المصاب بالحساسية والضغط الدموي وقرحة المعدة. هذه الدراسة التاريخية سنختمها بمنهجين تحليلين هما المطبقتان في وقتنا الحالي: التيار الأول مع الباحثين مثل Valabrega وBrisser الذين يلتقيان مع فكرة Alexander، والذين جعلوا كلّ الأمراض السيكوسوماتية تابعة للهستيريا، بحيث يجدون في الأمراض السيكوسوماتية (La Somatose) Brisset وهي درجة زائدة من الصراعات الداخلية نسبةً للهستيريا، وذلك راجع إلى العلاجات الكبيرة الذين قاموا بها على مرضاهم، وتلك هي ملاحظاتهم، بحيث هناك كبت في مراحل الهستيرية وكبت آخر سيكوسوماتية وهذا ما تحدث عليه Misterlich في الكبت ذات المرحلتين، ومن ناحية أخرى عن طريق الملاحظات التاريخية وأثناء حرب 1914 Babinski وFroment، والذين كوّنوا مستشفيات خاصة بالهستيريين في وسط الجنود. أمّا التيار الثاني والمتمثل من طرف المدرسة السيكوسوماتية الباريسية، بالنسبة لهؤلاء فإنّ المنهج السيكوسوماتي مختلف تمامًا، والذي يلجأ إلى البنية الأصلية للشخصية الذهانية عن العُصابية، إنّ هذه البنية تتشكل حسب وجود حياتي خاص، حرمان في الاستهامات Carence Fantasmatique حرمان أو فقر في الخيال تفكير عملي، انهيار.
يمكن اعتبار الصحة توازن وبناء مستمر وعملية دائمة طوال الحياة، أما فقدانها فقد يطرح العديد من الإشكالات على المستوى الطبي، علم النفس الصحة وعلم الصحة، وانطلاقا من الواقع حيث كثر الحديث عن الأمراض وتنوعها البسيطة منها والمستعصية فضلنا ومن خلال هذا الدرس إلقاء الضوء على مفهوم علم النفس الصحة حيث نعرض في البداية مختلف التعاريف الخاصة بعلم النفس الصحة، مجالاتها وأهدافها. تطور مفهوم علم النفس الصحة في أواخر القرن الماضي وأواخر السبعينات في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لدراسة مختلف العناصر النفسية الاجتماعية والانفعالية والتي تؤثر على السلوكات الصحية والتي تكون سببا في بروز أو تطور المرض، وأهمية هذا الميدان مرتبط بالمشكلات اليومية التي يواجهها الإنسان المعاصر بكثرة الأمراض المستعصية المزمنة وما ينشأ عنها من وفيات وقبل ذلك من اضطرابات نفسية، ضغوطات وعليه ظهر علم النفس الصحة قصد تلبية احتياجات هذه الأوضاع وبالأخص توضيح العلاقة بين سلوكيات الفرد وعاداته الصحية وما يقوم به من ممارسات وبين صحة الجسمية والنفسية وما ينجز عنها من اضطرابات نفسية جسدية وحتى عقلية. وبداية أصبح لزاما علينا تعريف الصحة بما أن علم النفس الصحة لا يقوم إلا من أجل الصحة وترقيتها فتسهل تعريفاتنا بتعريف منظمة الصحة العالمية OMS1948 بأنها حالة متكاملة من الرفاه الجسمي والعقلي والاجتماعي، وهي ليست مجرد غياب المرض أو وجود العجز، وهناك تعاريف شتى تستند إلى هذا التعريف للصحة كتعريف 1995Hurrelmann, حيث ترجمه الباحث السيد فهمي علي قائلا أنّ الصحة عبارة عن حالة من الإحساس الذاتي والموضوعي عند شخص ما، وتكون هذه الحالة موجودة عندما تكون مجالات النمو الجسدية والنفسية والاجتماعية للشخص متناسبة مع إمكاناته وقدراته وأهدافه التي يصنعها لنفسه ومع الظروف الموضوعية للحياة ويشير مجموعة من علماء الصحة من بينهم Enben, Franzkowiak,1986في النقاش العالمي لمفهوم الصحة إلى ثلاثة مبادئ هي:
1.تعتبر الصحة حالة موضوعية قابلة للاختبار الطبي البيولوجي.
2.يمكن اعتبار الصحة بأنها التكيف الأمثل الممكن مع متطلبات المحيط.
3.كما يمكن اعتبارها حدثا صيروريا تفاعليا لتحقيق الذات على شكل التعديل الهادف والفعال للبيئة وهي عموما حالة شخصية من الإحساس بالعافية والراحة يتحقق فيها التوازن بين المتطلبات الجسدية من جهة والخارجية للبيئة من جهة أخرى. وأجد أن أحسن تعريف قدم لمفهوم الصحة ينتمي للدكتور السيد فهمي علي 2009 ويشمل مفهوم الصحة المظاهر الفيزيولوجية الجسدية والنفسية الاجتماعية للحالة الفردية للشخص ووجود خبرة معرفية وسلوكية كافية للتصميم الفردي الصحي للحياة من أجل التغلب على أزمات الحياة من أجل التغلب على أزمات الحياة الراهنة. ومن هنا نرى أنّ مفهوم الصحة يعكس التكيف الناجح للفرد على المستويات البيولوجية، الفيزيولوجية والمناعية الاجتماعية النفسية والثقافية. حاول مجموعة من الباحثين في علم الأورام النفسي تعريف علم النفس الصحة أمثال Bruchon- Schweitzer, 2002 فقد عرفت علم النفس الصحة على أنه دراسة الاضطرابات النفسية الاجتماعية التي تلعب دور في ظهور المرض، التقليل من خطورته أو تطويره، مهتمين بالأسباب أكثر من النتائج كانت مباشرة أو غير مباشرة. إنّ علم النفس الصحة يقترح طرق وحلول وقائية أو علاجية قصد التغيير السلوكي الصحي، هو ميدان خاص بعلم النفس أي نجد أن الصحة أخذت أبعاد واسعة وشاملة عبر كل وضعيات الحياة، هو علم يهتم بدراسة السلوكات الصحية التي تؤثر على الجسد والنفس مصحوبة بمفهوم مسؤولية الفرد على راحته النفسية، ولهذا اهتم علم النفس الصحة اهتماما بالغا في مفهوم وتفسير التأثيرات النفسية التي تسبب في تعرض الأفراد للمرض والاستراتيجيات المستخدمة لمواجهته. ولهذا يكرس على النفس الصحة اهتمامه حسب شيلي تايلور 2008 لفهم وتفسير التأثيرات النفسية التي تساهم في مساعدة الأفراد في الحفاظ على صحتهم، وفي إيضاح أسباب تعرضهم للمرض، وفي الكيفية التي يستجيبون لها في حال إصابتهم بالأمراض، وهو باعتباره فرع من فروع علم النفس التطبيقي يهتم بالتأثير المتبادل بين الحالة الصحية والحالة النفسية، وهو كما يحدده قسم على النفس الصحة في الرابطة الأمريكية لعلم النفس باعتباره مجموع الإسهامات النوعية التربوية والعلمية والمهنية لعلم النفس والتي تهدف إلى ترقية الصحة والحفاظ عليها إلى الارتفاع بمستوى الوقاية والعلاج من المرض، وإلى الدقة في تحديد علة الأمراض والأمور المرتبطة بالصحة والمرض واضطراب الوظائف المرتبطة بهما. يضيف شيلي تايلور، أنّ علم النفس الصحة هو أحد ميادين علم النفس الذي يرتكز على فهم العوامل النفسية التي تساهم في المحافظة على الصحة أو تسبب الإصابة بالأمراض. إنّ هذا العلم يحاول فهم الكيفية التي يستجيب لها الناس لدى تعرضهم للأمراض فهو ميدان يرتكز على الارتقاء بالصحة وصيانتها والحفاظ عليها وعلاج الأمراض، وأسبابها والعوامل المرتبطة به أو أسباب الخلل في الوظائف الحيوية وتحسين نظام الرعاية الصحية وإرساء قواعد السياسات الصحية. أسس مجموعة من الباحثين في مجال هذا العلم النموذج المتعدد العوامل لعلم النفس الصحة وذلك في كتاب Bruchon- Schweitzer et al , 1994 يحتوي على العناصر السوسيو ديمغرافية والعناصر الفردية (نوعية الحياة، نوع الشخصية،السوابق الخاصة والمرضية) والتي لها تأثير تداخلي على الصحة الجسدية والراحة النفسية. وعليه نلاحظ أن علم النفس الصحة عرف تحديات كبيرة منذ ظهوره عندما أخد بعين الاعتبار صحة الفرد بنظرة شاملة مركبة انطلاقا من جسده ونفسيته إلى وسطه الاجتماعي والثقافي، لقد اتسع دور رعاية الصحة السيكولوجية والاجتماعية في الارتقاء بالصحة ومختلف مراحل المرض وعليه يعتمد علم النفس الصحة على مجال تطبيقي ونظري في آن واحد مستخدما مناهج تعتمد أساسا على دراسة الفرد، مجتمعه، معقداته الدينية، جيناته الوراثية، حالاتهم الانفعالية، وكذا معتقداتهم الصحة. نجد أنّ من المجالات الأولية التي يعتمد عليها علم النفس الصحة هو علم الأوبئة حيث ترتبط أهداف هذا الميدان واهتماماته ارتباطا وثيقا لميدان علم النفس الصحي، فعلم الأوبئة هو دراسة أسباب الإصابة بالأمراض المعدية، وغير المعدية، ومدى تكرار حدوثها وانتشارها في مجتمع ما استنادا إلى استقصاء العوامل البيئية المادية والاجتماعية من الأمور الجوهرية التي يجب الإلمام بها بشكل أوسع لدى تحديد أهداف ومجال اهتمام كل من ميداني علم النفس الصحي والرعاية الصحية، الإحصائيات الدقيقة حول نسبة انتشار المرض في منطقة ما في فترة زمنية معينة، أنّ علم النفس الصحة لا ينصب فقط على المخرجات البيولوجية، ولكنه يمتد ليشتمل القضايا والمظاهر التي تقدم مؤشرا عن الحياة الصحية، وتحديدا هناك ما يؤكد بأن تركيز علم النفس الصحي وإجراءات التدخل التي يمارسها العاملون في هذا الميدان يفترض أن ينصب على الاهتمام بالأمور التي تساعد في تحقيق الصحة والمظاهر التي تعبر عنها بدلا من مجرد التركيز على معدل الوفيات وغيرها من المؤشرات البيولوجية ومن ثم فإن علم النفس الصحة أصبح أكثر التزاما بالجهود التي تساهم في تحسين نوعية الحياة لدى أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة. رجوعا إلى السبعينات نلاحظ بروز المنهج الحيوي النفسي الاجتماعي بزعامة Engel والذي كان يرمى إلى إدماج المعارف البيولوجية، النفسية، الاجتماعية وتطور ميدان الطب السلوكي مع بروز علم النفس الصحة. أما عن الطرق المستخدمة فنجد التجريبي الكمي مثل الاستمارات السلاليم، والتحاليل الإحصائية، ويعرف السيد فهمي علي 2009 المنهج الحيوي الاجتماعي هو ذلك التفاعل أو التأثير المتبادل بين القوى الاجتماعية والقوى الحيوية مثل السلوك الإنساني الذي يتأثر في وقت واحد بالعمليات الفيزيولوجية المعقدة من ناحية والمعاني الاجتماعية المتعلمة من ناحية أخرى، هو الذي نطبق معه أسلوب التنظيم في مجال الطب النفسي، بمعنى التكامل الدقيق للمناهج الحيوية والنفسية والاجتماعية في دراسة الصحة النفسية ودراسة اضطرابات نفسية معينة، يتم استخدام علم النفس الصحة مع ما يسمى بالنموذج النفسي الاجتماعي الحيوي والممثل فيما يلي:
– علم النفس الصحة التنظيمي: يستخدم هذا الفرع المعارف العلمية لعلم نفس الصحة وتقنياته في التطبيق على الصحة والمرض في أماكن العمل سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.
– علم النفس الصحة العامة: يحاول أن يحدد الأسباب الواقعية بين العوامل النفسية والصحة للناس عامة.
– علم النفس صحة المجتمع: هو اتجاه يحاول فهم ماذا يحدث على المستوى المحلي.
– علم النفس الصحة الإكلينيكي: وهو أساس فرع من علم النفس الإكلينيكي يساهم بشكل أساسي في مجال الطب السلوكي مع الطب النفسي والممارسة الإكلينيكية تتضمن تقنيات التعلم والتغير السلوكي والعلاج النفسي. ويضيف الباحث السابق ذكره كيف استطاع النموذج الحيوي النفسي الاجتماعي تفسير الصحة والمرض بتجاوز نقائص النموذج الحيوي الطبي، أن العوامل الحيوية والنفسية والاجتماعية، جميعها ذات أهمية في تقرير الصحة والمرض على هذا الأساس فإن العمليات التي تتم على المستوى الشخصي الضيق تتفاعل جميعها لكي يؤدي إلي حالة من الصحة أو المرض. فالنموذج الحيوي النفسي الاجتماعي يؤكد أن الصحة والمرض يتسببان عن عدد من العوامل، وينتج عنها آثار متعددة، إضافة إلى ذلك يؤكد النموذج الحيوي النفسي الاجتماعي عدم إمكانية الفصل بين العقل والجسد لدى النظر في قضية الصحة والمرض، لان كليهما يؤثران بشكل واضح في حالة الفرد الصحية، فهذا النموذج يركز على عاملي الصحة والمرض بدلا من عدّ المرض انحرافا عن حالة الاستقرار. انطلاقا من وجهة النظر هذه تصبح الصحة أمرا يمكن تحقيقه من خلال الانتباه إلى الحاجات الحيوية النفسية والاجتماعية ومن ثم فهي ليست أمرا بديهي الحدوث. أما الميادين التطبيقية لعلم النفس الصحة حسب Bruchon –Schweitzer, 2002 فنجده خاصة في عالم العمل مرتكزين على طب العمل ويليه طب الجراحة، خاصة في الوسط الاستثنائي هي الحالات التي تواجه الصعوبات الفيزيولوجية المعقدة، المزمنة والخطيرة مثل داء السكري، الآلام المزمنة، أمراض القلب، الكلى، سرطان الدم، اضطرابات الخصوبة ... الخ. هي اضطرابات تؤثر العلاقات الزوجية، العائلية، المهنية، والاجتماعية هناك العديد من الإصابات الفيزيولوجية التي تؤدي إلى ظهور صعوبات سيكولوجية وحتى عقلية (اضطرابات التكيف، الاكتئاب، الهذيانات) وهذا ما يستدعى مساعدة خارجية، ضف إلى المستشفى، المؤسسات الخاصة بالشيخوخة، وكذا المساعدة للأطفال الصغار، المعاقين جسديا وعقليا وحتى المصدومين، المصالح الخاصة بالمساعدات الاجتماعية وكلّ الميادين التي ترمي إلى تحسين نوعية حياة المرضى، العلاقة مريض طبيب، الملاحظة العلاجية. عموما فإن علم النفس الصحة يعمل في كل الميادين أين عليه تسهيل صيرورة التكيف اتجاه المرضى، الحداد، تحسين ملاحظة العلاج الطبي والشبه طبي، قصد تقليص السلوكات والوضعيات لتراجع خطر المرض. في نظر علم النفس الصحي هناك انتقادات ظهرت في حدود المنهج البيو طبي للمنهج الكلاسيكي والتي ترمي إلى اشتراك مجموعة من العوامل المساهمة في حدوث المرض، وهي التجربة الذاتية للصحة والمرض، تستدعى منهجية ينظر فيها الإنسان في فرديته وعالمه وهي نظريات تجعلنا أمام تلك التي تعرف بالأسس الذاتية البينية للفرد عند كل من Binswanger, Minkowski , Merleau-Ponty وكذا التحليل النفسي في مفهوم الدفاع في العلاقة البنيوية للأنا حسبFreud وأخيرا فإن علم النفس الصحة يلجأ كذلك إلى مناهج جديدة ذات المقاربة النظامية البنيوية للربط بين الجسد والنفس والمجتمع. ومن الأهداف الأساسية التي ينطلق منها هذا العلم حسب مختصين في علم النفس الصحي BRUCHON -Schweitzer , 2002 إنّ هذا الميدان يسمح لنا بمعرفة مختلف العناصر النفسية الاجتماعية المرضية التي تؤثر عن الصحة، نوعية الحياة، العلاج مقترحا مجموعة من التطبيقات منها الرقي نحو السلوكات الصحية، الوقاية من الأمراض، تحسين التكفل بالمريض وعائلته وقد أعطى لبعض المفاهيم شعبية مثل مفهوم الضغوطات، التكفل الاجتماعي، إستراتيجية التكفل مع ظهور العديد من الروائز النفسية التي تقيس نسبة الصحة، مع تطور مجموعة من النظريات التي سمحت بمعرفة مختلف الميكانزمات البيو اجتماعية التي تساهم أو تقلل تطور مجموعة من الأمراض أمّا السيد فهمي علي،2009 يحدد أهداف علم النفس الصحة فيما يلي:
– فهم العوامل الكامنة وراء السلوك.
– منع الأمراض، اكتشاف التأثيرات التي يحدثها المرض.
– التحليل النقدي للسياسة الصحية.
إذن هي استخراج الأبعاد الاجتماعية، النفسية وتأثيرهما البيولوجي قصد مساعدة الفرد وإيجاد منابع كامنة لديه لمواجهة المرض وتبنى سلوكات تنبؤيه، أهم هذه التطبيقات ترمى إلى النقاط التالية:
– تحسين العلاقة بين الطبيب والمريض.
– الالتزام بتقديم خدمة طبية حسنة.
– إجراء دراسات بغرض المساعدة على التحكم في الألم.
– إجراء الدراسات بغرض المساعدة على التحكم في الضغوط وإدارتها.
– التعرف على دور العوامل الدينية (التمسك بالقيم والتقى والوزع) التي تجعل الأفراد يعيشون مدة طويلة.
– التطبيقات في مجال سمات الشخصية وجدت أنّ الأفراد أصحاب (النمط أ) أكثر الناس عرضة لأمراض القلب.
– الفقر، حيث وجدت الدراسات أنّ الأكثر ثراء وغنى من الناس هم الأكثر بحثا عن الرعاية الطبية في فترة مبكرة من حياتهم.
أما شيلي تايلور 2008 فيعتبر أنّ أهداف علم النفس الصحي ترجع إلى أداء علماء علم النفس الصحي من مهام عديدة ومتنوعة فهم يجرون الأبحاث لفحص كيفية تفاعل العوامل الحيوية، والنفسية والاجتماعية في تقرير حدوث الصحة والمرض كما يساعدون في معالجة المرضى الذين يعانون من اضطرابات متنوعة، ويقومون بإرشادات الفئات التي تعاني من مشاكل نفسية اجتماعية ناتجة عن الإصابة بالأمراض ويطورون إجراءات تدخل يتم تنفيذها عبر مواقع العمل من أجل المساعدة في الارتقاء بالعادات الصحية بين فئات العاملين، كما يعملون مستشارين في المؤسسات لتطوير الظروف الصحية والخدمات الصحية المقدمة.وفي هذا الصدد نحاول ذكر ملخصا لأهم نقاط يهدف إليها علم النفس الصحة وهي الترقية بالصحة، تحسين معرفة علم النفس في الوسط العلمي، التقدم بالبحث الإكلينيكي بإدماج المعطيات الطبية الحيوية والنفسية، فهم أسباب المرض والعناصر المحافظة على الصحة، دراسة العناصر النفسية، الاجتماعية، الانفعالية والسلوكية للمرض العضوي أو الذهني، المشاركة في التشخيص الوقائي العلاجي، تحسين النظام الصحي عموما، وعليه نلاحظ أن علم النفس الصحي قد عني باهتمام كبير قصد تعديل سلوكات المرضى للتحسين من وضعيتهم الصحية، هي حالة من التوازن الواجب تحقيقها أمام ضغوطات، صدمات، آلام سببها المرض.أما عن علاقة علم النفس الصحة بعلم الأورام النفسي وكما سبق ذكره أنّ علم النفس الصحة هو ميدان جديد البحث يدرس العوامل النفسية الاجتماعية آخذا بعين الاعتبار الفروقات الفردية والحساسيات بين مختلف المرضى، السوابق المتعلقة بالمحيط كحوادث الحياة، المضايقات، العزلة وبعض السوابق تخص الاستعداد الشخصي (نمط A, C)، الاكتئاب، العصابية وهي عناصر تعتبر دائما من عوامل الخطرة على الصحة البشرية.لا يبتعد على الأورام النفسي عن علم النفس الصحة، هدفه هو معرفة تأثيرات مرض السرطان على سلوك المريض وهو اختصاص جديد تأسيس في سنوات الثمانينات استجابة للاهتمام المتزايد حول الصفات النفسية السلوكية والاجتماعية المرتبطة بظهور السرطان، أضف إلى ذلك نجد في علم النفس الصحة اختصاص جديد ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1985 وفي أوروبا سنة 1986 مهتما بمجموعة من التساؤلات الأساسية ومنها:من هم المؤهلين للمرض ومن هم الذين يبقون في صحة جيّدة؟ من هم المؤهلين للشفاء؟ ومن ينكسر؟ ولماذا؟ وكيف ترتقي إلى أسلوب حياة صحي؟
كيف نتوصل إلى بناء إستراتيجية تحسين عملية التكفل بالمرضى؟ إنّ المرضى الذين ينشدون العلاج الفردي بعد تشخيصهم بالسّرطان، هم أشخاص يواجهون مشاكل خاصة يمكن تلخيصها بما يلي : القلق بدرجة عالية والاكتئاب مرفق أولا بالأفكار الانتحارية، خلل في الوظائف المعرفية خاصة ضعف في القدرة على التركيز مشكلات محددة تنشأ كنتيجة للمرض أو الأساليب التعامل أو ديناميكيات الأسرة، مشكلات نفسية سابقة تفاقمت بعد تشخيص السّرطان، ضف إلى ذلك تأثير هذا التشخيص تأثيرا مؤكدا وملموسا على بقية أعضاء الأسرة وعليه فإن تكفل الفريق المختص في علم النفس الأورام مهم كالعلاج النفسي الخاص بالحالة المصابة قصد التكيف، التقبل، استرجاع التوازن النفسي وبناء القوى القتالية لمواجهة المرض، ضبط المساندة العاطفية من قبل الأسرة كي تعزز جودة التكيف النفسي.
المراجع:
- مصطفى فهمي(1976): الصحة النفسية، مكتبة الخانجي، القاهرة
- منظمة الصحة العالمية جنيف)1983): الطبعة العربية 1986
- شيلي تايلور (2008): علم النّفس الصحّي، الطبعة الأولى، جامعة عمان، الأردن
-فهمي علي (2009): علم نفس الصحة، الخصائص النفسية الإيجابية والسلبية للمرضى والأسوياء، دار الجامعة الجديدة للنشرة، مصر
- مصطفى فهمي (1970): الإنسان والصحة النفسية، لأنجلو المصرية، القاهرة
-Bruchon- Schweitzer M, Dantzer (1994) : La psychologie de la sante, évènements, et risque. Ed Puf, Paris
-Bruchon- Schweitzer M, Dantzer Quintard B (2001): Personnalité et maladie, stress, Coping et ajustement, Ed Dunos, Paris
-- Bruchon- Schweitzer. M (2002): Psychologie de la sante, modèles concepts et méthodes. Ed Dunod, Paris