مفهوم الجريمة
الجريمة بمدلولها القانوني العام كل مخالفة لقاعدة من قواعد القانون بمختلف فروعه المعمول بها .أما في القانون الجنائي فلم تنص أغلب التشريعات الجنائية على تعريف الجريمة بما فيها المشرع الجزائري ، على اعتبار أن التعريف مهمة الفقه لا المشرع ، و كذا إعمالا لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات الذي يقتضي بالضرورة لأن تعرف كل جريمة بجميع عناصرها ما يتطلب أن يكون لكل جريمة نص خاص بها.
فقد عرفت الجريمة فقها بكونها : " نشاط غير مشروع سواء بعمل أو امتناع عن عمل يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا ، و يأتيه شخص عن عمد أو إهمال ".
أو هي "سلوك إيجابي أو سلبي و يقرر له القانون عقوبة أو تدبير أمن باعتباره سلوك يشكل اعتداء على مصالح فردية أو اجتماعية يحميها ق. ج. " (3)[1][1][1]
و نستخلص من هذا التعريف العناصر التالية للجريمة :
• تفترض الجريمة ارتكاب سلوك أجرامي في صورة فعل أو امتناع ، يمثل هذا السلوك الجانب المادي للجريمة .
• أن يكون هذا السلوك مجرما بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له فلا تقوم الجريمة إلا إذا كان هناك نص قانوني مجرم لذلك.
• أن يكون سلوكا صادرا عن إنسان بإرادة جنائية واعية .
• أن يكون السلوك المجرم مقرر له جزاء جنائيا عقوبة أو تدبير أمن في ق .ع أو القوانين المكملة له .

تقسيمات الجريمة.
و بالاستناد إلى أحكام نص المادة 27 من ق. ع[2][2] ، نجد أن الجريمة تقسم بحسب درجة الخطورة إلى ثلاث تقسيمات ، و يتم التمييز بينها على العقوبات المقررة لكل وصف جزائي تحمله الجريمة ، و المنصوص عليها في نص المادتين05 و 05 مكرر من القانون المشار إليه أعلاه. و هي كالتالي :
الجناية
التي تعد أخطر الجرائم التي أقرّ لها المشرع الجزائري عقوبات شديدة و هي على النحو الموالي : عقوبة الإعدام ، عقوبة السجن المؤبد ، السجن المؤقت لفترة تتراوح من 05 إلى 30 سنة بالإضافة إلى الغرامة المالية في حالة الحكم بالسجن المؤقت.
الجنحة
و هي الجريمة التي أقر لها المشرع الجزائري بموجب نص المادة 05 من ق.ع عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن شهرين و لا تزيد عن 05 سنوات و كذا غرامة مالية لا تتجاوز 20.000 دينار جزائري .
المخالفة
حيث أقر لها المشرع الجزائري عقوبة الحبس لمدة يوم واحد إلى شهرين ، أو غرامة مالية من 2000 دينار جزائري إلى 20.000 دينار جزائري .
أهمية تصنيف الجريمة.
وتظهر أهمية التصنيف القانوني الثلاثي للجريمة من خلال :
من حيث الأحكام ذات الصلة بالشروع
بالرجوع إلى نص المادة 30 و 31 من ق.ع نجد أن المشرع الجزائري يعاقب على الشروع في مادة الجنايات كأنها جريمة تامة ، في حين لا يعاقب على الشروع في الجنحة إلا بموجب نص قانوني خاص ، ولا عقاب على الشروع في مادة المخالفات .
من حيث الأحكام المتعلقة بالاشتراك
فنجد أنه و تبعا لنص المادة 44 من ق.ع قد عاقب الشريك في حالة إشتراكه مع الفاعل الأصلي بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة ، و لا يعاقبه في حالة إشتراكه في إرتكاب المخالفة .
من حيث أحكام العود.
يعرف العود بصفة عامة على أنه " حالة خاصة بالجاني الذي سبق الحكم عليه بحكم سابق في الجريمة ، و ارتكابه بعد ذلك جريمة أخرى وفق الشروط المحددة في القانون ." و قد نظمّ المشرع الجزائري العود في المواد 54 مكرر إلى 54 مكرر10 من ق. ع ، كما أشار إليه كذلك في المادتين 57 و 59 من ق .ع و جعل من توافر هذه الحالة ظرفا مشددا في مواجهة جميع أنواع الجرائم . و عليه يعد عائدا في مواد الجنايات من يعيد ارتكاب الجناية نفسها في أي وقت بعد إدانته عن الجناية الأولى ، أما في مواد الجنح فيعتبر عائدا من يعيد ارتكاب نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها خلال 05 سنوات اللاحقة على إنقضاء العقوبة المحكوم بها عليه في الجنحة الأولى ، و يعتبر عائدا في مادة المخالفات من يعيد ارتكاب المخالفة نفسها خلال سنة من تاريخ صدور الحكم النهائي عن المخالفة الأولى.
من حيث السريان المكاني للقانون الجنائي.
لا يقتصر نطاق سريان ق . ع على الجرائم التي تقع على إقليم الدولة فقط و إنما يمتد نطاق تطبيقه إلى كل الجرائم التي تقع خارج الإقليم الجزائري ، لأن عدم امتداده إلى خارج الإقليم يجد منه بعض الجناة ثغرة للإفلات من العقاب و عدم محاسبتهم. لذلك لجأت الدول إلى توسعة نطاق تطبيق ق . ع لكي يمتد إلى خارج إقليمها إستثناءا . و هذا وفق ثلاثة مبادئ و التي تعرف بالمبادئ الإحتياطية المتمثلة في مبدأ العينية المنصوص عليه في المادة 588 من ق. إ .ج و مبدأ العالمية و مبدأ الشخصية . فطبقا لمبدأ الشخصية في سريان أحكام ق .ع تخضع الجنح المرتكبة في الخارج لإزدواجية التجريم أي تخضع لأحكام التجريم المنصوص عليها في ق .ع . و كذا قانون البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة ، دون اشتراط ذلك في الجناية طبقا لنص المواد 582 و 583 من ق .إ ج.