مقدمة
إن أهم ما يتم التطرق إليه في هاته المرحلة هو التفرقة بين أهم الاصطلحات القانونية ألا ويتوجب ذكرهما بالتتالي، في مرحلة أولى الدعوة إلى التفاوضL'invitation à la négociation ، وفي مرحلة ثانية عرض التعاقد Offre de contracter، يتشابه المصطلحان بأنهما تعبير عن الإرادة يصدران عن شخص إلى آخر لكنهما يختلفان في الماهية ولهذا التمييز فوائد عملية وقانونية.
إن عرض التعاقد هو تعبير منفرد عن الإرادة، يصدر عن شخص أراد به التعاقد، فوجهه إلى شخص آخر عارضاً عليه إبرام العقد بشروط واضحة لا تثير الالتباس لدى من وردته، ويجب أن يكون العرض متضمناً جميع الشروط والعناصر الأساسية اللازمة لإبرام العقد عند التقاء القبول معه ويعبر عن نية باتة في التعاقد على موضوعه، كذلك الأمر يجب أن يكون العرض جدياً أي أن لا يكون وارداً في معرض اللهو أو التسلية أو التعجيز. لهذا يكون العارض قد أوضح في الوقت ذاته نيته في اعتبار نفسه مرتبطاً بما عرضه متعهداً بالتعاقد إذا لقى العرض قبولاً من الذي وجه إليه، فقبول العرض وشروطه يجعل العقد قائماً. أما الدعوة إلى التفاوض أو الوعد بالتفاوض تقتصر على إتصالات تمهيدية بين من دعا وبين من توجه إليه لتبادل الآراء بهدف التعاقد، دون أن تنطوي الدعوة على تحديد عناصر العقد ومقوماته، فتكون مسألة التعاقد في هذه المرحلة غير واضحة الشروط والأطر، وهذا ما يميز الدعوة إلى التفاوض عن عرض التعاقد. لذلك، إذا اقترن العرض بتحفظات لا تجعله حاسماً أو لم يتضمن كافة شروط العقد وعناصره الأساسية، يستحيل عندئذ إلى مجرد دعوة إلى التفاوض لأن هذه الدعوة تحتمل أن لا تكون النية على التعاقد نهائية