روّاد الإحياء الشّعري في المغرب العربي

جاءت في بداية أمرها تقليدا لزملائهم من الأدباء المشارقة المحافظين ثم استقلت عنهم شيئا فشيئا وانتقلوا من مرحلة التقليد إلى الإحياء فالتجديد، وفد عكست مضامين أشعار روّادها ما حرصوا عليه في جهودهم الإصلاحي وردّهم على محاولات المستعمر الفرنسي الذي حاول ضرب الهوية فغلب عليهم الاهتمام بالجانب الديني والاجتماعي والدفاع عن الهويّة وسنقتصر في الدرس على نموذج واحد من كلّ قطر:

الجزائر

من أبرز روّدا الاتّجاه المحافظ في الشّعر:" الأمير عبد القادر"، و"محمد العيد آل خليفة"، و"أحمد سحنون"، وغيرهم ممّن اعتمدوا نهج القصيدة العمودية وسنقتصر على أبرز رواد هذا الاتّجاه :

الأمير عبد القادر الجزائري( 1808- 1883م): ولد بمدينة معسكر ، وهو مؤسس الدّولة الجزائرية أديب، ومتصوّف، وشاعر، يزاحم البارودي عند المشارقة ، ويرى الكثير من النّقاد أنه الرائد الحقيقي لمدرسة الإحياء في الشّعر العربي الحديث قاطبة لأنّه أسبق مولدا من البارودي، ومن شعره في " الحماسة "وقد تأثّر بطريقة "عنترة بن شداد" في القريض( 10[1]):

سلي البيد عني والمفاوز والربى*** وسهلا وحزنا كم طويتُ بترحالي

فما همّتي إلا مقارعـــة العـــدا *** وهزمـــــــــي أبطالاً شــداداً بأبطــال

الأمير عبد القادر الجزائري

تونس

ظهر جيل من الشعراء الغيورين على تراثهم على غرار" الشاذلي خزندار" ومن الشعراء الرّواد:

محمّد الخضر التونسي (1876- 1958م): وهو ينحدر من أصول جزائرية تعود إلى مدينة بسكرة ، ويعدّ مؤسّس مجلّة "السعادة"، تولّى مشيخة الأزهر بمصر، وقد عرف بجرأته في قول الحق فاستقال من منصبه ، وتفرّغ للمحاضرة، وكتابة المقالات، ومن أبرز أشعاره ما قاله متأسّفا لحال اللغة العربية( 11[2]) :

لغة نهصر من أغصانها **** زهــــر آداب وأخـــــلاق غـــــرر

نفـــــروا منها لــواذا وإذا **** جفّ طبع المرء لم تغن النّذر

المغرب الأقصى

ظهر جيل يدعو إلى نصرة الدين ومناصرة قضايا العروبة، ومن أبرز الشعراء "محمد السليماني"، و"محمّد الجزولي" ، و"علّال الفاسي"، ومن أئمة المذهب الإحيائي في المغرب الأقصى:

عبد اللّه القبّاج(1916-1979م) : له أشعار رائقة من بينها ما نظمه مهنّئا الأتراك بعد انتصارهم على اليونان، وقد كان حدثا أثلج قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إذ يقول( 12[3]):

بنـــي التّــــرك لا شلّت يــداكـــــم ولا نبـت *** سيوفكم عن رأس من يكفر البدا

بني التّرك ذدتم عن حمى الشّرق أعصرا *** ولكــــن ذود اليوم صـــار مخلّــــدا