أسباب نشأة مدرسة الإحياء

تعدّدت الدواعي والأسباب التي أدت إلى نشأة مدرسة الإحياء في الشعر العربي الحديث ومن أبرزها:

حملة نابليون إلى مصر

كان لدخول( نابليون بونابارت )إلى مصر أثار إيجابية كثيرة - على الرغم من الانتهاكات التي طالت حرمة المساجد - فقد أنشأ مسرحا للتمثيل كل عشرة أيّام، ومدارس لأبناء الفرنسيّين استفاد من وجودها المصريّين فيما بعد، فضلا عن تشييده لمصانع ومطبعة ، ومكتبة ضخمة تضمّ العديد من المؤلّفات التي كتبت باللغة الفرنسية، وقد سمح للمصريين بارتيادها ومطالعة كتبها( 4[1]).

البعثات العلميّة

حرص محمد علي باشا على العناية بالعلم محاربة الجهل والأميّة فكان التّحدي الأكبر تكوين جيل يتقن اللغة العربية قادر على أخذ العلوم التي أسهمت في تطوير حياة الغرب فشيّد مدرسة بباريس وقرّر إرسال البعثات العلمية إليها وكان يتابع اخبارهم ويحثهم على الاجتهاد والعمل الجاد لوعيه بدورهم، وحاجته الشديدة إلى من يسانده في مشروعه الحضاري"( 5[2]).

جهود رفاعة الطّهطاوي

يعدّ "رفاعة الطّهطاوي"(ت1873م) حامل لواء النهضة في مصر التي كانت بدورها مركز الإشعاع الثقافي في البلاد العربية فقد وضع اللبنات الأولى لصرح الثقافة العربية الحديثة، وقد انتدب على رأس بعثة ليفقّه الطلبة ووعظهم لكنّ همّته كانت أعلى من هذه المهمّة فهو مصري صميم تميز بذكائه الثاقب، والعزيمة المبرمة والسرعة البديهة، وقد دأب على أخذ العلم منذ وطئت قدماه فرنسا وتعلّم كلّ ما يفيد معرفته بلاده مصر، فأقبل على مختلف العلوم والآداب بنهم كبير وعمل على ترجمة بعضها ولاسيما ما تعلق بالطب والقانون وكذا ما تعلّق بحقوق المرأة والرفع من مكانتها. كما سعى إلى تحصيل أكبر قدر من المعارف التي تنفع أمّته وخرّج أجيالا من التلاميذ الذين تخرجوا على يديه.

ولمّا رجع إلى مصر ولي منصب الترجمة، وأنشأ مدرسة أخرى للألسن بمصر أدّت دورا كبيرا في إنعاش اللغة العربية ولا عجب فهو شاعر وأديب ، كم حرص على تعليمهم الترجمة والتمرين عليها، وقد تولّوا مناصب حكومية بارزة وابتدءوا يفيضون بدورهم خيرا مع تلامذتهم وعاد هذا بالفائدة على مصر.

الصّحافة

انقضى عهد محمد علي وفي مصر صحيفة واحدة وهي: "الوقائع المصرية "، وكانت لغتها ركيكة مقتصرة على الوقائع لحكومية، وفي سوريا صدرت صحيفة "مرآة الأحوال" ثم صحيفة "الجوائب " لأحمد فارس الشدياق الذي تفنن في تحريرها وتخيّر موضوعاتها وجمعت بين السياسة والأدب بشتى فروعه وازدانت بقصائد كبار الشعراء العرب فأقبل الناس عل قراءتها بشغف، وتوالى إصدار المجلات التي فاق عددها العشرين مجلّة على غرار" مجلة اليعسوب" و"روضة المدارس "في مصر على عهد "إسماعيل باشا".